
إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية يترأس درسًا تاريخيًا مع طلاب الجامعة الإسلامية الأحمدية في قاديان.
"...سجدت أمام الله تعالى، وفتحت قلبي له وبكيت على عتباته ودعوت الله تعالى فهيأ لي الوسائل التي أعانتني وأزالت جميع همومي". - حضرة ميرزا مسرور أحمد
في 17/04/2021، ترأس إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية، الخليفة الخامس حضرة ميرزا مسرور أحمد، درسًا افتراضيًا عبر الإنترنت لمدة خمس وستين دقيقة مع 19 طالبًا من الجامعة الأحمدية بقاديان في الهند.
وهذه هي المرة الثانية التي يترأس فيها حضرة ميرزا مسرور أحمد درسًا افتراضيًا مع طلاب الجامعة الأحمدية في قاديان، وكانت آخر مرة ترأس فيها مثل هذا الدرس عندما زار قاديان عام 2005. ولقد حظي طلاب الجامعة الأحمدية التاريخية والأولى والتي تأسست في بلدة المسيح الموعود (عليه السلام) المباركة، بلقاء جماعي وطلب الإرشاد والدعاء مرة أخرى من خليفتهم وزعيمهم الروحي.
ترأس حضرته الاجتماع من مكتبه في إسلام أباد، في تيلفورد، فيما انضم طلاب الجامعة إلى الاجتماع الافتراضي من قاعة معرض القرآن الكريم في قاديان، الهند.
بدأ الحدث بتلاوة من القرآن الكريم، تلاها حديث للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. ثم قصيدة واقتباس من كلام المسيح الموعود (عليه السلام). بعد ذلك قدم عميد الجامعة تقريرًا عن أنشطة الجامعة وأوضح أن عدد طلاب الجامعة حاليًا هو 238 طالبًا ويعمل فيها 25 مدرسًا.
كما عُرض على حضرته صور ومقاطع فيديو مختلفة لمباني الجامعة ومواقع قاديان التاريخية الأخرى وذلك ضمن عرض مصور.
ثم أتيحت الفرصة للطلاب لطرح الأسئلة حول مجموعة من القضايا التي تهم الدعاة الشباب.
سأل أحد الطلاب كيف يمكنهم التواصل بشكل فعال مع الهندوس؟ فأجاب حضرته، إن الكثير من أعمال التبليغ تجري بالفعل في الهند وأن هناك بعض النتائج الجيدة. ولكن عليهم السعي لتوسيع نطاق جهودهم.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"تقع على عاتق الداعية مسؤولية تحليل الظروف الخاصة بمنطقته المحلية وتوسيع عمله في التبليغ وفقًا لذلك وإبلاغ الناس بالتعاليم الصحيحة للإسلام. يجب أن تكون لديكم علاقات جيدة مع أتباع الديانات المختلفة، بما في ذلك الهندوس والسيخ والمسيحيين وغيرهم..."
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"عندما تدخلون ميدان العمل كدعاة، بعد التخرج، اسعوا باستمرار لتوسيع دائرة معارفكم وإبلاغ الناس بالتعاليم السلمية للإسلام... لذا كل هذا يتوقف عليكم وعلى مدى جديتكم في العمل. مهمتي هي الإرشاد وتقديم التوجيهات والمواد (حول تعاليم الإسلام) وقد فعلت ذلك على نطاق واسع. فتقع على عاتقكم الآن مسؤولية الاستفادة منها".
وبعد الحديث عن الفوائد والبركات الدائمة من زيارة حضرته لقاديان عام 2005، سأل أحد الطلاب متى سيزورها مرة أخرى؟
وردًا على ذلك، أبدى حضرة ميرزا مسرور أحمد رغبة عارمة في زيارة قاديان وقال:
"أتمنى زيارة قاديان. كان من الممكن أن أزورها العام الماضي أو الذي قبله ولكن ذلك لم يكن ممكنًا بسبب الظروف السائدة. كما حاولت أيضًا زيارة قاديان عام 2008 لكنني عدت (إلى المملكة المتحدة) بعد زيارة جنوب الهند حيث تم إخباري أنه من الأفضل القيام بذلك بسبب الظروف التي طرأت آنذاك. وعندما تتاح الفرصة بمشيئة الله، سآتي إليكم وألتقي بكم. وحتى ذلك الوقت، ربما تكونوا قد دخلتم ميدان العمل أو ربما ما تزالون طلابًا في الجامعة. لذلك قد يكون لدي درس معكم في الجامعة أو قد ألتقي بكم مع الدعاة العاملين في الميدان. دعونا نرى، وعندما يهيئ الله تعالى الفرصة سأزوركم بإذن الله".
سأل أحد الطلاب كيف يمكنه إقامة علاقة شخصية مع حضرته؟
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد ناصحًا الطالب ومسلطًا الضوء على العلامة الحقيقية للقرب من خليفة الوقت:
"ضع صورة لك في زاوية رسالتك وبهذه الطريقة سأعرف أنك كتبت الرسالة وسأبدأ في التعرف عليك. هناك العديد من الطلاب الأذكياء من مختلف الجامعات الذين يقومون بذلك، وبمرور الوقت بدأت بالتعرف عليهم شخصيًا. وأتذكر أولئك الذين يعيشون في المملكة المتحدة، لأنهم يقابلونني كثيرًا. ومع ذلك، فإن مجرد وجود علاقة شخصية وتذكر شخص ما في حد ذاته ليس شيئًا يدعو للفخر. بل إن العلاقة الحقيقية مع الخلافة تنشأ من خلال العمل بناءً على توجيهات وإرشادات خليفة الوقت وإقناع الآخرين بالقيام بذلك، لذا يجب أن تدعو لتحقيق هذا الارتباط الروحاني الحقيقي".
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"هدف الداعية، أثناء تواجده في الجامعة وبعد التخرج، هو أن يفهم في كل يوم يمر عليه أن من واجبه أن يصبح عونًا ونصيرًا حقيقيًا لخليفة الوقت. فإذا أصبحت كذلك، وأوفيت بمسؤولياتك وتصرفت بمقتضى التقوى، وإذا دعوت بحماس، فإن الله سبحانه وتعالى يخلق تلك الظروف الخاصة التي يمكنك من خلالها نيل قرب خليفة الوقت. لذا فإن القرب الحقيقي من خليفة الوقت هو أن تصبح عونه الحقيقي وأن تدعم أعماله ومبادراته".
وسأل طالب آخر كيف يمكنهم تبليغ القاطنين في المناطق القروية حيث يعمل الناس في الحقول ويقومون بأعمال شاقة أخرى وبالتالي قد لا يكون لديهم الكثير من الوقت.
بعد تقديم التوجيه حول كيفية القيام بالتبليغ في المناطق الريفية، روى حضرته حادثة شخصية له تتعلق بالتبليغ عندما كان طالبًا.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"حيثما تكون هناك رغبة جادة للقيام بأعمال التبليغ، ستفتح طرق وسبل جديدة لذلك. فأتذكر عندما كنت طالبًا في الجامعة، أصدر مجلس خدام الأحمدية تعليمات بضرورة الخروج من أجل التبليغ. فكشباب ذهبنا بالدراجات إلى القرى الريفية. وهناك، كنا نعرض على المزارعين المساعدة في عملهم، مثل ري المحصول ثم بدافع المجاملة كان المزارعون يجلسون ويتحدثون معنا لبعض الوقت. وبهذه الطريقة، أتيحت لنا الفرصة لتعريفهم بالجماعة الإسلامية الأحمدية ... "
ثم أوضح حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لذا إذا ذهبت إلى القرى، وكانت لديك الرغبة في ذلك، فيمكن دائمًا العثور على طرق... كل هذا يتوقف عليك وعلى مدى كفاءتك وشغفك. فإذا لم يكن لدى الإنسان شغف، فسيقول: "لماذا أهتم بالعمل؟" ولكن إذا كانت لديه رغبة، فإنه يستغل حتى أصغر الفرص".
وسئل حضرته أيضًا عما إذا كان قد واجه أي صعوبة تسببت له في كرب شديد.
فقال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"بحمد الله لم أواجه أي صعوبة كبيرة من شأنها أن تجعلني شديد القلق أو اليأس. فخلال حياتي الطلابية، كنت كطالب أقلق بشأن اجتياز امتحاناتي، وفي مثل هذه الظروف سجدت أمام الله، وفتحت قلبي له وبكيت على عتباته. ودعوت الله تعالى فهيأ لي الوسائل التي أعانتني وأزالت كل مخاوفي. لطالما كانت هذه تجربتي، فإذا واجه الإنسان أي نوع من الصعوبات فعليه التضرع إلى الله. فإن عمل بإخلاص وطهارة قلب فإن الله سبحانه وتعالى سيستجيب له بالتأكيد. إن الصلاة والصدقة الوسيلة الأنجع للقضاء على متاعب الإنسان- هذا ما علمنا الإسلام وهذا ما قمت به كلما واجهت أي مشقة ".
وردًا على سؤال آخر يتعلق بكيف يمكن للشخص أن يطور شوقًا حقيقيًا وحرقة في الدعاء.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لقد أوضح المسيح الموعود (عليه السلام) نقطة عامة مفادها أنك إذا لم تنل المتعة في الصلاة، فعليك أن تتظاهر بالضيق الشديد وأن تتصنع ذلك. فالحالة الجسدية للإنسان تؤثر على حالة قلبه أيضًا... فإذا واجهت صعوبة ما عليك أن تستحضرها في ذهنك وتدعو، وعندها ستشعر بالكرب وستكون أكثر تركيزًا في الدعاء".
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"عند مواساة الآخرين، ضع في اعتبارك المصاعب التي يواجهونها وادع لهم. فهذا أيضًا يتيح للإنسان أن يركز في دعائه... لقد كرس الداعية حياته لخدمة الإسلام وأكبر تحد له هو أن عليه السعي جاهدا لجعل العالم كله على دراية بالتعاليم الحقيقية للإسلام. وإن هذا تحدٍ كبير له، لذا إذا ركز الداعية على هذا التحدي وتضرع إلى الله تعالى بالقول أن "يا رب لقد كرست حياتي لتحقيق هذا الهدف ولأكون عونًا حقيقيًا لإمام الزمان وقد عاهدت على ذلك، فكيف لي أن أفي بهذا العهد؟ " فإن ذلك سيخلق كربًا في قلبك ومن خلاله ستركز تلقائيًا أكثر في أدعيتك".
وسأل طالب آخر لماذا يُظهر بعض الأشخاص الذين يبدون منتظمين في العبادة أخلاقًا سيئة.
فأجاب حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لقد قال الله تعالى إنه إلى جانب العبادة يجب أن تفي بحقوق خلقه، وأن تحسن أخلاقك. فلا يمكن للعمل أن يكون صالحًا إلا عندما تتمتع بأخلاق حميدة إلى جانب عبادتك... فلا يمكن اعتبار الشخص عابدًا حقيقيًا إلا إذا كان يعبد الله ويخافه. فمتى عبدت الله خوفا منه فلا يمكن أن تتصرف إلا بموجب أوامره تعالى".
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"لقد أوضح المسيح الموعود (عليه السلام) أنه عندما نتعبد، يجب أن تؤثر عبادتنا بشكل إيجابي على أخلاقنا وسلوكنا. فإذا لم نتحسن في هذا الصدد، فإن عبادتنا تصبح بلا فائدة. قال الله تعالى عن بعض المصلين: "ويل للمصلين"، لماذا؟ لأنهم ضعفاء أخلاقيًا ولا يفون بحقوق خلق الله تعالى... ولهذا قال المسيح الموعود (عليه السلام) إنه جاء لتحقيق هدفين: أولهما إعادة الصلة بين الناس والله تعالى والوفاء بحقوقه وثانيًا: أن يؤدي الناس حقوق بعضهم بعضًا".
وسأل أحد الطلاب كيف يجب أن يبدأوا عملهم عندما يتم تعيينهم كدعاة في مكان معين؟
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"الأهم هو أن تبدأ بالدعاء. فعندما تذهب إلى أي مكان، تصدق وادع الله تعالى أن يوفقك حيثما أرسلك كي تفي بالعهد الذي قطعته بتكريس حياتك كداعية. وأن يوفقك الله للوفاء بالعهد على أحسن وجه. تذكر أن الوفاء بالعهد الذي قطعته هو أمر وارد في القرآن الكريم. لأن القرآن ينص على أهمية الوفاء بالعهد وأداء الأمانة والثقة الكبيرة التي وُضعت فيك. وما هذه الأمانة؟ عليك أن تبلغ رسالة الجماعة الإسلامية الأحمدية- الإسلام الحقيقي- إلى شعوب العالم، ويجب أن تجد الطرق المناسبة والمبتكرة للقيام بذلك. فلا ينبغي فقط أن تنتظر حتى تتلقى تعليمات من المركز لتوزيع المنشورات... بل يجب أن تجد طرقًا لتبليغ رسالة الإسلام بنفسك".
وأضاف حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"يجب أن تجد ما عليك القيام به وفقًا لظروفك المحلية وذلك لتحسين المعايير الأخلاقية والروحانية للمسلمين الأحمديين في منطقتك. يجب أن تحلل كيف يمكنك وضع خطط لرفع المعايير الأخلاقية لأبناء الجماعة الإسلامية الأحمدية، سواء كانوا من كبار السن أو الشباب أو الرجال أو النساء أو الأطفال".
وقال حضرة ميرزا مسرور أحمد مقدمًا النصيحة حول كيفية حل النزاعات وما يجب أن يكون عليه موقف الداعية:
"عندما تلاحظ أن بعض الأشخاص على خلاف، حاول إزالة تلك النزاعات والخلافات. فتقع على عاتق الداعية مسؤولية ألا يكون لديه أي تحيز على الإطلاق تجاه أي من الجانبين. فالعدالة تطالبه بالسعي إلى إقامة علاقات جيدة مع جميع الأطراف والبقاء على الحياد. فإذا كنت ستحل نزاعًا، فحتى يتم حل المشكلة، يجب ألا تأكل أو تشرب من منزل أي من الطرفين. فتناول طعامك قبل مغادرتك بيتك وقل لهم إنني جئت لأصلح بينكم ولأغرس الأخوة والمحبة بينكم حسب أوامر القرآن الكريم. فلن آكل ولن أشرب من بيتكم حتى تتبعوا أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ".
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"يجب أن يكون لديك اتصال شخصي مع كل أسرة في المنطقة التي ستعين فيها. عليك زيارتهم ويجب أن يقوموا بزيارتك وأن تصادق الجميع بما في ذلك الشباب وكبار السن. يجب أن يشعروا أن الداعية الذي جاء إليهم يواسيهم ويحبهم بصدق، ويجب أن يكون هناك الكثير من الثقة بحيث يجب أن يشعر كل شخص بالراحة في الوثوق بك. ثم عليك أن تدفن في قلبك أي معلومات شخصية يشاركها معك الآخرون. فلا ينبغي أن تسمع سرًا من مكان ما ثم تذهب إلى مكان آخر لتفشيه للآخرين. فالقيام بذلك سيكون بمثابة خرق للأمانة والثقة الموضوعة فيك. فهناك العديد من الجوانب وعندما تنشئ هذه الروابط الشخصية، ستدرك أن كل ما تقوله سيكون له تأثير إيجابي على الناس. فكل فرد من أفراد الجماعة سيستمع إليك وهذا سينمي المحبة والأخوة مع أبناء الجماعة".
واختتم اللقاء بقصيدة ألقاها طلاب الجامعة الأحمدية، فيما عُرضت على الشاشة مشاهد أخرى لأماكن مختلفة من قاديان.