loader
 

الأحمدية.. لماذا؟

يقول حضرة مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عليه السلام حول مبررات تأسيس هذه الجماعة وقيامها ما تعريبه:
"إن نظام البيعة لا يهدف إلاّ إلى تكوين جماعة من المتقين، لكي تترك هذه الجماعة المتألفة من المتقين على الدنيا تأثيرها الحسن. ولكي يكون اجتماعهم مدعاة للخير والبركة والعواقب الحسنة للإسلام. ولكي يُستَخدَموا لأداء الخدمات النبيلة للإسلام ببركة إجماعهم على كلمة واحدة. ولكي لا يكونوا مسلمين كسالى وبخلاء لا فائدة منهم، ولا مثل هؤلاء الجهّال الذين ألحقوا بالإسلام أضرارا فادحة بسبب فُرقتهم وتشتُّتهم، ووصَموا وجهَه الجميلَ بسبب تصرُّفاتِهم الفاسقةِ. ولا مثل النُسَّاك الغافلين والمُنْطَوِين على أنفسهم الذين لا يعرفون شيئا عن حاجاتِ الإسلام، ولا يهتَمُّون بمؤاساة إخوانهم شيئا، ولا يجدون في أنفسهم أدنى حماسٍ لإيصال الخير إلى الناس. بل يجب عليهم أن يكونوا متعاطفين للأمة حتى يصبحوا ملاذا للفقراء، ولليتامى كالآباء، ويظلوا جاهزين للتضحية في سبيل خدمة الإسلام مثل العاشق المشغوف، ويبذلوا قصارى جهودهم أن تنتشر بركاتُهم العميمةُ في الدنيا وينفجرَ الينبوعُ الطاهر لحبِّ الله ومؤاساةِ عبادِه من كل قلبٍ، ثم يتَمَرْكزَ في مكان واحدٍ ويتراءى مِثل البحرِ الزاخِرِ..

وإنني على ثقةٍ بأن هذا ما سوف يَحصُل بالضَبْط للذين يترقبون بالصبر والمثابرة بعدَ انْضمامِهم إلى هذه الجماعة. لأن الله تعالى قد أراد أن يخلق هذه الجماعةَ ثم يهبَها تقدُّمًا ليُظِهر جلالَه ويُرِيَ قدرتَه لكَيْ ينشر في الدنيا حبَ الله تعالى والتوبةَ النصوحَ والطهارةَ والحسنةَ الحقيقيةَ والأمنَ والصلاح ومؤاساةَ البشر. فهذه الجماعة ستكون جماعته المختارة التي سوف يهبها القوةَ بروحهِ الخاصةِ ويُطهِّرهم من الحياةِ القذرةِ، وسوف يُحْدِثُ تغييرا طيبًا في حياتهم. وكما أنه سبحانه وتعالى قد وَعد في أنبائِه المقدسة فإنه سوف يجعل هذه الجماعةَ تزدَهِرُ، ويُدخِل فيها ألوفًا من الصلحاء. إنه تعالى سوف يَرْوِيها بنفسه ويهب لها الازدهار حتى أنَّ كثرتَها وبركتَها سوف تبدو غريبةً للأعين. وسوف ينشرون ضوءَهم إلى جميعِ أرجاءِ المعْمُورةِ مثل المصباحِ الموضوعِ في المكان المرتَفَعِ، وسيكونون نَمُوذَجًا للبركات الإسلامية. إنه عز وجل سوف يهب للأَتباعِ الكاملين لهذه الجماعة، غلبةً على الفئات الأخرى كلِّها في كلّ نوعٍ من البركاتِ. ولسوف يكون في هذه الجماعة أناسٌ إلى يوم القيامة الذين سوف يوهَب لهم القبولُ والنصرةُ. هذا ما أراد اللهُ الربُّ الجليلُ. إنه لَقادرٌ فعّال لما يريد. له القوةُ كلها وله القدرةُ كلها. فالحمد لله أولا وآخرًا وظاهرا وباطنا. أسلَمْنا له، هو مولانا في الدنيا والآخرة، نِعْمَ المولى ونعم النصير."

(إزالة أوهام، الخزائن الروحانية ج 3 ص 561 - 563)



ويقول حضرته عليه السلام مذكرا كل من يبايع بالهدف من بيعته ما تعريبه:
"كل من يبايع على يدي يجب أن يعلم ما هو الهدف من بيعته؟ هل يبايع للدنيا أو لرضى الله تعالى؟ هناك كثير من الأشقياء الذين تكون الدنيا وحدها غايتهم المنشودة من البيعة، ولا يحدث فيهم أي تغير إثر البيعة، ولا يتولد فيهم نور المعرفة واليقين الحقيقي اللذان هما نتاج البيعة الحقيقية وثمارها، ولا تصفو أعمالهم ولا تتحسن. ولا يتقدمون في الحسنات، ولا يتجنبون من السيئات. فيجب أن يتذكر مثل هؤلاء الناس، الذين يجعلون الدنيا غايتهم الوحيدة، أن الدنيا فانية ثم العودة إلى الله سبحانه وتعالى. إن هذه الحياة الفانية سوف تنقضي في كل حال، سواءً في العسر أو في اليسر، ولكن أمر الآخرة خطير جدًا. إنها دار الخلود، ولا تنقطع. فإذا انتقل الإنسان إلى تلك الدار وكانت معاملته مع الله تعالى نـزيهةً صافية وكان خوفُه عز وجل مسيطرًا على قلبه، وكان يتجنب - بعد توبته - من كل الذنوب التي سماها الله تعالى ذنوبًا، عندها سيأخذ الله تعالى بيده رحمةً منه وفضلاً، وسيحظى هذا الشخص بمكانة حيث يكون الله تعالى راضيًا عنه وهو راضٍ عنه سبحانه وتعالى. ولو لم يفعل ذلك بل قضى حياته في حالة الغفلة لكانت عاقبته وخيمة.

لذا يجب أن يؤخذ القرار عند البيعة، ويرى المبايع ما هو المقصود من البيعة وماذا تكون الفائدة منها؟ فإذا كانت البيعة للدنيا فلا طائل من ورائها. أما لو كانت للدين ولرضى الله تعالى لكانت مباركة ومصحوبة بالهدف والغاية الحقيقية منها، وتُتوقع منها تلك الفوائد والمنافع التي تُنال إثر البيعة الصادقة."

(جريدة "الحكم" ج 7 رقم 38 ص 2 عدد 17 تشرين الأول 1903)


 


 

خطب الجمعة الأخيرة