لا نسخ في القرآن الكريم
إن من أهم ما قام به المسيح الموعود عليه السلام بتجديده في الفكر الإسلامي، هو إبطال فكرة وعقيدة النسخ في القرآن الكريم، فقد صرّح حضرته في العديد من المواضع عدم وجود أي تناقض بين آيات القرآن الكريم، وأن كل أحكامه وآياته قابلة للعمل إلى يوم القيامة؛ وهو ما يدحض عقيدة النسخ في القرآن الكريم من جذورها. وقد بثّ حضرته عليه السلام في أتباعه هذا المفهوم التجديدي ووجوب العمل به وأكّد على أهميته في مواضع مختلفة نسوق لكم بعضها فيما يلي:
1: يقول حضرته عليه السلام: "إذا أردنا استنباط أيَ معنى من آية قرآنية فلا بد لنا أن نرى أولاً هل توجدُ شواهدُ أخرى من القرآن الكريم نفسه لتصديق ذلك المعنى أم لا، فإن لم تتيسر شواهدُ مؤيِّدةٌ وعارضت الآيات الأخرى في الموضوع نفسه ذلك المعنى، فلنعلم أنه باطل كليًا، لأن وجود الاختلاف في القرآن محال." (بركات الدعاء، الخزائن الروحانية مجلد6، ص18)
2: يقول سيدنا المسيح الموعود عليه السلام في كتابه "مناظرة لدهيانه" في شرح الآية: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا (الزمر: 24) ما نصّه:
"يعني أنّ ذلك الكتابَ كتابٌ متشابه يشبه بعضُه بعضا ليس فيه تناقضٌ ولا اختلاف، مُثَنًّى فيه كل ذِكْرٍ ليكون بعضُ الذكر تفسيرًا لبعضه." (مناظرة لدهيانه، الخزائن الروحانية مجلد4، ص 37-38)
3: ويقول عليه السلام في كتاب آخر في شرح قول الله تعالى اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا: "من مزايا هذا الكتاب أنه متشابهٌ، أي أن لا تعارُضَ في تعاليمه، كما هي لا تتعارض مع نواميس الله الطبيعية، بل إن تعليم هذا الكتاب منسجمٌ تماما مع الكمال الذي هو ضروري للإنسان من حيث فطرته وقواه". (كرامات الصادقين، الخزائن الروحانية، المجلد7، ص57)
4: يقول المسيح الموعود عليه السلام في كتابه حمامةُ البشرى ما نصه: "القرآن منـزّهٌ عن التعارض والتخالف، وقال الله تعالى: لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (النساء: 83). فأشار في هذه الآية أن الاختلافَ لا يوجدُ في القرآن، وهو كتاب الله وشأنُه أرفعُ من هذا، وإذا ثبتَ أن كتابَ الله منـزهٌ عن الاختلافات، فوجبَ علينا ألا نختار في تفسيره طريقا يوجبُ التعارضَ والتناقض". (حمامة البشرى، الخزائن الروحانية المجلد7، ص256، الحاشية)
فالمسيح الموعود عليه السلام ينقض بأقواله هذه أيَّ تعارض في آيات القرآن الكريم، والذي هو السبب الذي أدى إلى منشأ عقيدة النسخ عند المسلمين، حيث إنهم ظنوّا وجود تناقض بين آي القرآن الكريم، فلجأوا للقول بالنسخ فيه للتوفيق بين هذه الآيات.
5: يؤكد الخليفة الثاني رضي الله عنه للمسيح الموعود عليه السلام تعليم المسيح الموعود بعدم وجود النسخ في القرآن الكريم ويقول:
"لقد جاء سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام وأعلن أن القرآن من أوله إلى آخره قابل للعمل، وأنه من (باء) البسملة إلى (سين) (الناس) قائم ويجب العملُ به إلى يوم القيامة. ولا أزال أتذكر جيدًا قوله عليه السلام بأن أحدا إذا سلَّم بأنه لا تزال في القرآن آياتٌ منسوخة، فلماذا يكلّف نفسه عناء التدبرِ فيه والسعيِ للعملِ بأوامره؟ كلا بل سيقول في نفسه: ما دامت في القرآن آياتٌ منسوخةٌ فلماذا أضيّعُ جهدي ووقتي في التدبّر فيها؟ فمن يدري أن الآية التي أُعمل فيها فكري يتبينُ لي فيما بعد أنها كانت منسوخة؟ ولكن الذي يؤمن بأن هذا الكلامَ بتمامه وكماله منـزهٌ عن النسخ، وأن كل لفظ منه جديرٌ بالعمل به.. فسوف يسعى للتدبر فيه، وهكذا سيزيده القرآن معرفةً. (التفسير الكبير، المجلد2، ص97)
6: كان أفراد الجماعة الإسلامية الأحمدية يعتقدون في ضوء أقوال المسيح الموعود عليه السلام المذكورةِ أعلاه ببطلان عقيدة النسخ في القرآن في حياته عليه السلام ، فقد نُشر في حياته عليه السلام وتحت إشرافه في مجلة مقارنة الأديان الأردية مقالٌ طويل في عام 1907م في عدة أقساط في تفنيد عقيدة النسخ في القرآن.