loader
 

إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية يقول إن إلقاء اللوم على الإسلام حول الصراعات العالمية سيزيد فقط الانقسام وسيرسخ عدم الاستقرار في العالم.

• "المسلم الحقيقي إنسانٌ مسالم ويسعى لإرساء السلام والمحبة في العالم" - حضرة ميرزا مسرور أحمد.
• "دعوا الأجيال القادمة تتذكرنا بالحب والمودة، بدلا من الكراهية والغضب" - حضرة ميرزا مسرور أحمد

يوم السبت 05/10/2019، ألقى إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، الخليفة الخامس، حضرة ميرزا مسرور أحمد خطابًا في جمهورٍ من كبار الشخصيات والضيوف في ثاني أيام الجلسة السنوية السابعة والعشرين للجماعة الإسلامية الأحمدية في فرنسا.

وخلال خطابه تحدث حضرة ميرزا مسرور أحمد حول كيف أن التعاليم الإسلامية تصون الحريات، وكيف أنه من خلال العمل بهذه التعاليم يتم تحقيق السلام الدائم في المجتمع.
كما بين حضرته أيضًا أن نتائج الصراعات والحروب الحالية ستمتد إلى أماكن بعيدة وقال كذلك بإن السلام لا يمكن تحقيقه بسبب غياب الموضوعية والعدل بين الأمم والجماعات المختلفة، وهم يواصلون تعقب النتائج التي "تصب في مصالحهم الشخصية".
وبعد الترحيب وشكر الضيوف، تحدث حضرة ميرزا مسرور أحمد حول وابل الهجمات الفظيعة التي شوهت التاريخ الحديث.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"الهجمات الفظيعة والوحشية التي شنتها في السنوات الأخيرة ما تسمى بالجماعات الإسلامية قد تسببت بمستويات عالية من الألم والحزن في بلدان مختلفة بما في ذلك هنا في فرنسا. لا يمكن سوى إدانة مثل هذه الهجمات بأشد العبارات الممكنة، وإن أدعيتنا ومشاعرنا مع ضحايا مثل هذه الجرائم الشنيعة دومًا".
ومضى حضرته بالقول إن هذه الهجمات البربرية تناقض تماما تعاليم الإسلامية الأساسية.
وفي هذا الصدد قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"إن التعاليم الإسلامية الحقيقية ليس لها أي علاقة بالإرهاب والتطرف، فالإسلام دين السلام والمحبة، والتسامح والمصالحة".
واستطرد حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"إن كلمة "إسلام" تعني حرفيا "السلام" و"الأمن" وبالتالي فإن المسلم الحقيقي هو نفسه شخص مسالم وهو الذي يسعى لإرساء السلام والمحبة في العالم".
ثم شرح حضرته للحاضرين فلسفة التحية الإسلامية "السلام عليكم" وتطبيقها في المجتمع الأوسع.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:

"لقد أُمر المسلمون بتحية الآخرين سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين بعبارة "السلام عليكم". إن هذه التحية الإسلامية عبارة عن بادرة حسن نية توصل السلام والأمن لمتلقيها".
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"ببساطة لا يمكن أن يعلمنا ديننا استقبال الجميع برسالة السلام والأمن ويطلب منا في الوقت ذاته اغتصاب حقوقهم، أو التعرض لهم أو حمل السلاح ضدهم. من المستحيل أن يكون في الإسلام مثل هذه التعاليم المتناقضة".
ضاربا أمثلة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، سلط حضرته الضوء على الصبر، والتسامح، وغيرهما من المبادئ السلمية التي علمها الإسلام.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لفهم طبيعة الإسلام الحقيقية، من الضروري التأمل في زمن مؤسس الإسلام، الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، فعندما ادعى أنه من الله، تعرض هو وأتباعه إلى اضطهاد بربري شديد."
وأردف حضرته قائلًا:
"لقد صمد نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم في وجه المعاملة الوحشية والظلم الشديد بصبرٍ وثباتٍ لا مثيل له، ونصح أتباعه بأن يحذوا حذوه، فلم يأمرهم بالإنتقام ولم يدع أتباعه الآخرين للقدوم ومحاربة غير المسلمين، بل أمر أتباعه أن يبقوا مسالمين حتى لو كلفهم ذلك حياتهم، وطمأنهم بأنهم سينالون الثواب في الآخرة بين يدي الله عز وجل"

ثم شرح حضرته بأنه بعد سنوات من الاضطهاد، أُذن للمسلمين بالقتال الدفاعي فقط لأن المهاجمين "لم يسعوا لمحو الإسلام فحسب، وإنما سعوا لتدمير مؤسسة الدين نفسها"
ومعلقا على فلسفة الحرب في الإسلام والغرض من ورائها، قال حضرته:
"عندما أجبر نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم وصحابته على الاشتراك في الحروب والمعارك، كان ذلك من أجل الدفاع عن حقوق الناس. لقد كان ذلك لضمان أن يتمتع المسيحيون واليهود والهندوس والمسلمون وجميع أتباع الديانات والعقائد الأخرى بحرية العبادة كما يشاؤون".
واصفًا مبدأ حرية الفرد وحرية الدين والمعتقد بأنها "حجر الزاوية في الدين الإسلامي"، بيّن حضرة ميرزا مسرور أحمد أن هذه التعاليم قد حُفظت للأبد في الآية 257 من سورة البقرة من القرآن الكريم والتي تقول: "لا إكراه في الدين".
ومتوسعا في شرح هذه النقطة، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"ياله من بيان واضح لا لبس فيه في الدفاع عن حرية الفكر، وحرية الدين وحرية الضمير. في كل لحظة من حياته، سعى الرسول صلى الله عليه وسلم لإرساء السلام، وروج لحوار الأديان، والتفاهم والاحترام المتبادل بين الناس من الأقوام المختلفة."
كما ضرب حضرته مثالا "ميثاق المدينة" الذي أُبرم بين المسلمين واليهود، والذي أوضح التزام الإسلام التاريخي بأمن ووئام المجتمع.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"بموجب بنود ميثاق المدينة، كان جميع الناس أحرارًا في ممارسة شعائرهم ومعتقداتهم، وكان على المجتمع بكامله الالتزام بمبدأ واحد يسود على الجميع بغض النظر عن معتقداتهم الدينية، وهو أن جميع أبناء المجتمع ملزمون بأن يكونوا مواطنين مخلصين للدولة وأن ينأوا بـأنفسهم عن كافة النشاطات التي تخل بأمن المجتمع وسلامته".
مشيرا إلى بعض الهجمات الإرهابية التي وقعت مؤخرا في أوروبا قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"جميع الإرهابيين الذين يقومون بالتفجيرات الانتحارية، أو يهاجمون النوادي الليلية، أو قاعات المسارح، أو الملاعب، أو يقودون السيارات ويدهسون المارة مذنبون بمخالفة تعاليم الإسلام بأكثر طريقة بربرية ومروعة".
كما تحدث حضرته عن تعاليم الإسلام الإرشادية فيما يخص أمور الحياة اليومية. ومن بين تلك التعاليم تحدث حضرته عن مبادئ التجارة العادلة، والأمانة والعدل.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"يعلمنا الإسلام بأن الغبن في التعامل والظلم في التجارة يضعف من وحدة المجتمع ويدمر السلم".
وأردف حضرته قائلاً:
"بكل تأكيد، في الوقت الذي ترتكز فيه الكثير من المعاناة والفوضى، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، على الأنانية والجشع، فإن مبادئ المساواة والعدل تصبح حاسمة في حفظ الأمن في المجتمع".

ثم ذكر حضرة الخليفة مبدأ قرآني آخر يخص العلاقات الدولية والنزاعات الداخلية حيث قال:

"يركز الإسلام دومًا على إقامة السلام الدائم وإزالة العداوة والبغضاء. على سبيل المثال تقول الآية 10 من سورة الحجرات القرآن الكريم: "وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"
وأردف حضرته قائلا:
"على من يتدخلون في ذلك أن يبقوا حياديين، بدلا من محاولة تسوية النتيجة بحسب مصلحتهم الشخصية. فإن تعذر إقامة السلام من خلال الحوار، أو إن قام أحد الأطراف بعد ذلك بمخالفة شروط التسوية المتفق عليها، فإن على الدول الأخرى أن تتحد ضد مرتكبي الظلم وأن تستخدم القوة لردعهم".
ومتوسعا في هذه النقطة، شرح حضرته بأنه بمجرد أن يتوقف المعتدي، يجب عدم إهانته بعد ذلك بل ينبغي تقديم المساعدة والدعم له "بإنصاف بهدف إرساء السلام الدائم".
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد بأن هذه المبادئ العالمية ذات قيمة لكل الناس ولو تم العمل بها "لكانت وسيلة لاستقرار العالم ولإرساء دعائم السلام الدائم".
متحدثًا عن كيف قامت بعض الدول العظمى في العالم بارتكاب الوحشية والظلم باسم السلام، أطلق حضرته إنذارا مهيبًا حيث قال:
"في المشرق والمغرب على السواء، تلبدت سماء السلام والازدهار الصافية بغيومٍ مثقلة بالحرب والظلم. في كثير من أنحاء العالم، تتمزق بلدانٌ إربا بسبب الخلافات، والسعي للثأر، والرغبة في اذلال الآخرين".
وأردف حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"إن حالة عدم الإستقرار ستستمر بالازدياد ما لم تقم العلاقات الدولية على أسس العدل والنزاهة وأداء حقوق الآخرين".
كما حث حضرته الناس على التعلم من الماضي لتحسين مستقبلهم..
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"وأنا أرى حالة العالم اليوم، لا يمكنني إلا أن أدعو أن لا تواصل البشرية تكرار أخطاء الماضي. فدعونا نتعلم من التاريخ حتى نبني مستقبلا زاهرا لأنفسنا ولأجيالنا القادمة".
كما حذر حضرة ميرزا مسرور أحمد من أنه في حال اندلاع حرب نووية فإن نتائجها ستفوق التصور، حيث قال:

"لن نقوم فقط بتدمير العالم الذي نعرفه فحسب، وإنما سنخلف وراءنا بكل تأكيد إرثا فظيعًا ومروعًا لأولادنا".
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلا:
"ستمتلئ بيوتهم بالحزن، وستمتلئ قراهم بالأسى وسينهش البؤس بلدانهم. وسيكونون محقين بإنزال اللعنات علينا لتورطنا في حربٍ أنانية خرقاء شتت أحلامهم من قبل أن تولد".
وفي الختام، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"أدعو من صميم قلبي أن تجمتع شعوب العالم جميعها على ما فيه الصالح العام، وأن يعملوا بروح الوحدة ويعززوا الثقة والتفاهم المتبادل بدلاً من لوم الدين أو التلويح بأصابع الاتهام ضد بعضنا بعضا. دعونا نركز كل طاقاتنا على ترسيخ السلام وأن نترك وراءنا عالمًا آمنًا لأولئك الذين سيأتون بعدنا".
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلا:
"لندع أجيالنا القادمة تتذكرنا بالحب والمودة بدلا من الكراهية والغضب. أدعو الله أن يوفق كل إنسان وكل أمة لأداء حقوق بعضهم بعضا وأن يسود العدل والمحبة على كل أنواع الظلم والنزاع. آمين"
واختتم البرنامج بالدعاء الصامت الذي أمّه حضرته.

وبعد ذلك مباشرة، قام حضرته بإطلاق النسخة الفرنسية من موقع مجلة مقارنة الأديان.
وفي وقتٍ سابق من ذلك اليوم، خطب حضرة ميرزا مسرور أحمد مباشرة بسيدات منظمة لجنة إماء الله، حيث ذكر حضرته أفراد الجماعة بضرورة أن يتأسوا بأسوة صحابة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لكي يحموا أنفسهم وأجيالهم القادمة من الأمراض الاجتماعية الكثيرة لمجتمعات اليوم.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"في هذه الأيام يبتعد العالم بشكل متسارع عن الله عز وجل. ولا يبتعد عدد كبير من الناس عن الدين فحسب بل إنهم في الواقع ينكرون وجود الله تعالى أيضًا. وإن العيش في هذه البيئة حيث تُرى المكاسب المادية على أنها كل شيء، حتى أن بعضًا منا قد تأثروا بها، بمن فيهم الكبار والأطفال والشباب. في مثل هذه الظروف تقع على عاتقنا مسؤولية جسيمة بحيث علينا أن نفحص حالتنا الشخصية لكي نحمي أنفسنا وأولادنا على السواء من تأثير هذه البيئة".



 

 



 

 



 

 



 

 



 

 



 


 

خطب الجمعة الأخيرة