يقول المعترضون أنه في عام 1905 توفي عبد الكريم السيالكوتي الذي كان من أهم أفراد الجماعة، بل لعله الرجل الثاني بعد نور الدين، رغم أن المؤسس دعا له كثيرا وتنبَّأ مرارا أنه سيشفى ولم يُشفَ، وبعد ذلك بعد فترة من وفاته ادعى المؤسس وقال إنني تنبأت وأوحي إلي أنه لن يشفى، ويستحيل ان يُعثر عن هذا الوحي قبل وفاة عبد الكريم.
الجواب: أيها السادة الكرام، وُلد حضرة المولوي عبد الكريم السيالكوتي رضي الله عنه في 1858 (تاريخ الأحمدية مجلد 2)، وتوفي في 11/10/1905 عن عمر يناهز 47 سنة. (حقيقة الوحي)
تفاقم مرضُ حضرة المولوي عبد الكريم السيالكوتي في أغسطس 1905، فدعا المسيح الموعود عليه السلام لشفائه، وفيما يلي الإلهامات التي تلقاها حضرته عندئذ:
نُشرت في جريدة "بدر" الأسبوعية الإلهامات التالية بعنوان الوحي الجديد في 7/9/1905.
2/9/1905 "سینتالیس سال کی عمر۔" أي: العمر 47 سنة. "إنا لله وإنا إليه راجعون."
4/9/1905 "ما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله."
8/9/1905 "کفن میں لپیٹا گیا۔" أي: لُفَّ في الكفن
9/9/1905 "إنّ المنايا لا تطيشُ سهامُها."
(جريدة بدر الأسبوعية مجلد 1 رقم 23 بتاريخ 7/9/1905 صفحة 2 عمود 1 بعنوان "الوحي الجديد لله سبحانه وتعالى)
ونشرت هذه الإلهامات كذلك في جريدة الحكم الأسبوعية مجلد 9 رقم 32 بتاريخ 10/9/1905 صفحة 3 عمود 2 تحت عنوان "إلهامات وكشوف جديدة".
12 سبتمبر: "دوشہتیر ٹوٹ جائیں گے"، أي: سينكسر عمودانِ.
(جريدة الحكم الأسبوعية مجلد 9 رقم 32 بتاريخ 10/9/1905 صفحة 12 عمود 4 تحت عنوان "أسبوع دار الأمان")
أيها الإخوة الكرام، لقد قدمنا الإلهامات التي تلقَّاها حضرته عليه السلام خلال مرض المولوي عبد الكريم السيالكوتي وقبل بضعة أيام من وفاته. وبالفعل توفي في 11/10/1905 بحسب هذه الإلهامات عن عمر يناهز 47 سنة.
أما الإلهام المذكور أعلاه "سينكسر عمودانِ" فتوفي بحسبه اثنان من كبار الصحابة أحدهما حضرة المولوي عبد الكريم السيالكوتي رضي الله عنه في 11/10/1905 وحضرة المولوي برهان الدين الجهلمي رضي الله عنه في 3/12/1905.
صحيح أن المسيح الموعود عليه السلام استنبط من بعض الإلهامات والرؤى شفاء المولوي عبد الكريم السيالكوتي، لكن الله سبحانه وتعالى لم يصرح في أي إلهام منها أنه سيشفى.
واستنباط سيدنا المسيح الموعود عليه السلام من بعض الإلهامات والكشوف بشفاء المولوي عبد الكريم غير قابل للاعتراض أبدًا، خاصة أن السنة النبوية الشريفة إنما هي أن تُؤوَّل الرؤيا بخير دوما وأن يُصرَف شرُّها ما أمكن، ومن أجل ذلك قد أمل المسيح الموعود عليه السلام أنه سيشفى، واستمر في الدعاء، رغم تلقيه الوحي المنذر بكثرة.
ثم إن التأويل الصحيح للنبوءات إنما هو ما يصدِّقه الأحداث. والأنبياء أيضًا يخطئون أحيانًا في شرح النبوءات اجتهادًا منهم رغبة منهم في صرف الشر عن أحبائهم ومقربيهم أو مدفوعين بآمال ٍ طيبة أخرى.
ومن أمثلة ذلك أن الله أخبر سيدنا نوحًا عليه السلام بحدوث طوفان عظيم في المستقبل: اصنع الفلك، وسوف أُنقذك أنت وأتباعك وأهلك. فصنع الفلك وجاء الفيضان فحمل فيها أصحابه والأمتعة الضرورية لكن ابنه لم يركب السفينة، فدعاه نوح عليه السلام للركوب، فرفض قائلا سآوي إلى جبل يعصمني من الفيضان، فجاء الموج فغرق ابنُه أمام عينيه.
فلما توقف المطر وانحسر الماء قال سيدنا نوح عليه السلام لله سبحانه وتعالى بمنتهى الأدب: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ (هود: 46)، فردَّ الله عليه قائلا: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ (هود: 47)
هذه الآيات تفيد أن نوحا عليه السلام كان يظن منذ تلقّيه الوعد من الله بحفظ أهله أن الوعد الإلهي بالحفظ يشمل ابنَه أيضا، وأنه سينجو، لكن الوحي الإلهي الأخير كشف أن فهْم نوح للوحي السابق لم يكن صائبا.
كذلك أرى الله سبحانه وتعالى نبيَّنا صلى الله عليه وسلم في الرؤيا أنه يطوف بالكعبة آمنًا، فخرج برفقة 1400 صحابي للعمرة، لكن قريشا عارضوه، فأبرم صلحا عند الحديبية مع قريش من شروطه أنه سيعتمر في السنة القادمة، فعاد من هناك دون العمرة.
فثبت أن ما فهمه النبي صلى الله عليه وسلممن الرؤيا بأنه سيعتمر في تلك الرحلة نفسها كان خطأً.
ثم ورد في البخاري:
قَالَ أَبُو مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ.
فظن النبي صلى صلى الله عليه وسلم من هذه الرؤيا أنه سيهاجر إلى اليمامة أو هجر، لكنه لما هاجر فعلاً علم أن الرؤيا إنما كانت تشير إلى المدينة لا إلى اليمامة ولا هجر.
فإذا كان المسيح الموعود عليه السلام أوَّلَ بعض إلهاماته أو الكشوف تأويلا خاطئا فهذا غير قابل للطعن أبدًا، إذ لم يصرِّح الله في أي إلهام سبحانه وتعالى بشفاء المولوي عبد الكريم رضي الله عنه بل قد أخبر عن الوفاة حصرًا.
لقد كتب العلامة محمد عبد العزيز الفرهاري في كتابه "النبراس على شرح العقائد" وهو شرح لكتاب عقائد أهل السنة والجماعة المسمى بـ "شرح العقائد النسفية" :
"إن النبي صلى الله عليه وسلم قد يجتهد فيكون خطأ كما ذكره الأصوليون. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشاور الصحابة فيما لم يوحَ عليه وهم يراجعون في ذلك... وفي الحديث: ما حدّثتُكم عن الله سبحانه فهو حق، وما قلت فيه من قبل نفسي فإنما أنا بشر أخطئ وأصيب" (النبراس، شرح العقائد للعلامة محمد عبد العزيز الفرهاري صفحة 392 المكتبة الرشيدية كويته باكستان)
زاوية المقالات والمدونة والردود الفردية هي منصة لعرض مقالات المساهمين. من خلالها يسعى الكاتب قدر استطاعته للتوافق مع فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية والتعبير عنها بناء على ما يُوفّق به من البحث والتمحيص، كما تسعى إدارة الموقع للتأكد من ذلك؛ إلا أن أي خطأ قد يصدر من الكاتب فهو على مسؤولية الكاتب الشخصية ولا تتحمل الجماعة الإسلامية الأحمدية أو إدارة الموقع أي مسؤولية تجاهه.