loader
 

العربي الفخاض - المغرب

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى عبده المسيح الموعود
تمهيـــد:
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم وبارك إنك حميد مجيد، أحبتي في الله الذين ستقرأون هذه السطور المتواضعة عن تجربة عبد من عباد الله، حباه المولى عز وجل بقبول دعوة الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم".
كان ذلك في صيف 2008 حينما شاهدت إعلان في التلفزة الإسلامية الأحمدية الثالثة، على قمر هوت بورد يبث وقائع ومراسيم البيعة العالمية على يد الخليفة الخامس للمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، سيدنا ميرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز، قبيل الاحتفال باليوبيل المئوي للجماعة الإسلامية الأحمدية بالمملكة المتحدة، فشعرت بمشاهدة هذا المنظر أنني ارتحل من عالم القرن الواحد والعشرين المليء بالابتعاد عن الله إلى عالم مليء بالله وأحبائه، فشرعت أنشر هذا المشهد الذي رأيته في التلفاز بين إخواني وأصدقائي، أتساءل معهمعن هذا الأمر العظيم الذي لا يتحدث عنه علماؤنا الأجلاء، أصبت بالدهشة والحيرة، وقررت أنأتابع هذه القناة بكل ما أملك من قوة التركيز والتوكل على الله عز وجل أن يلهمني سبيل الرشاد.
بدأت أتابع القناة بكل شغف فأدمنت على برامجها، حتى أنني كنت أتابعها ثمان ساعات كل يوم أو أكثر، إلى درجة أنني حرمت زوجتي وطفلتي الصغيرتين من مشاهدة ما يحبون أثناء وجودي بالبيت، من بين ما هالني لأول وهلة هو برنامج الحوار المباشر، الذي كان يناقش الفكر المسيحي، حتى أنني ظننت أن هذه الجماعة تحاول التقريب بين الديانات، وأن الأستاذ الدكتور المرحوم أبونا مصطفى ثابت أسكنه الله فسيح جنانه، كان مسيحيا ويعرف الدين الإسلامي حق المعرفة ويحث المسيحيين على ضرورة اعتناق الإسلام لأنه هو لب المسيحية، ومما جعلني أصدر هذا الحكم المتسرع هو أناقة السيد مصطفى وأسلوبه المتحضر وأدبه مع المحاور، وهذه الأوصاف لم ألمسها في الشيوخ الذين ألفتهم عيني، لأنهم يلبسون لباسا رسميا ويتسمون بالعنجهية والتكبر والصخب، غير أن هذا الحكم لم يدم طويلا حتى عرفت أن المشمول برحمة الله مسلم حقيقي ومجاهد رباني يدافع عن حياض الإسلام الذي يتعرض لهجمات المسيح الدجال الذي عجز الشيوخ عن مواجهته، لأنهم لا يملكون السلاح الذي جاء به المسيح الموعود عليه السلام لكسر شوكة النصارى والمتنصرين.
اسمحوا لي يا إخواني القراء الأعزاء أن أرجع بكم في رحلتي إلى الوراء لكي أخبركم عن شيء مهم لا بد من ذكره، وهو أن قدري مع هذه القناة المباركة كان قبل عام 2008 وبالضبط في سنة 2003حينما كنت أبحث في التلفاز على نفس القمر الذي ذكرته آنفا عن قنوات الأفلام وكرة القدم، فأمر بقناة م.ت.أ لا أدري هل هي الثانية أما لأولى اعتقد أنها الثانية، فتقع عيني على رجل جليل رباني يشع وجهه نورا ووقارا، يتحدث إلى الفتيات الصغيرات باللغة الأردية، وحينما يأتي على ذكر آيات القرآن باللغة العربية يهتز كياني مع أنني لم أكن أصلي، لا بل كنت أصلي وأقطع الصلاة، وأدخن السجائر، فأقول في نفسي إن هذا الشخص الكريم هو من سينصر الإسلام، لأنه أسس قناة لوحده كي ينشر الإسلام عبر الأقمار الصناعية، فكلما مررت عليها وجدته رحمة الله عليه. أعرفتم من هو؟ إنه الشيخ المسيح الذي لا يضاع وقته، إنه روح الله كما وصفه أحد المسيحيين المنصفين، إنه سيدنا ميرزا طاهر أحمد أسكنه الله فسيح جنانه مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وخادمه عليه السلام، والغريب في الأمر أنني في تلك السنوات لم أصادف برنامج "لقاء مع العرب"، لا أدري لماذا؟
بداية الرحلة:
بدأت أتابع برامج القناة بكل اهتمام وتمعن، وأقارن بين مفاهيم عقائد الجماعة الإسلامية الأحمدية، ومفاهيمي التي تعلمتها من صغري وترعرعت في أحضانها، بعبارة أخرى ما وجدت عليه آبائي وعلمائي الذين كنت أكن لهم الاحترام والتقدير، رغم عدم اقتناعي بعدة مفاهيم كانوا يرددونها بكل فخر واعتزاز رغم ما فيها من خزعبلات وخرافات وأراجيف، ومن بين الاستنتاجات المتسرعة التي توصلت إليها أثناء مقارنتي لهذين الفكرين، أي الفكر الأحمدي والفكر التقليدي، تبين لي أن الجماعة الإسلامية الأحمدية تمسك في يدها اليمنى معولا تنسف به العقائد المسيحية، وفي اليد الأخرى مطرقة صغيرة تهشم بها بعض المسلمات في الفكر الإسلامي من قبيل معلوم من الدين بالضرورة، فقلت في نفسي تريث أيها الباحث عن الحق ربما تتيه في بحر لا شاطئ له، وهذه ليست مسألة هينة وإنما هو مصير الإنسان في العاجلة والآجلة، ومما يزيد في تغذية شكوكي هو قول كل من أستفسره في أمر هذه الجماعة فيقول لي إنها كسائر الجماعات تبحث عن الأتباع وتريد أن تخدم مصالح أعداء الدين الإسلامي، إلا أنني لم أستسلم وتابعت القناة، وتلقفت برامجها بكل شغف: وفاة عيسى عليه السلام، الناسخ والمنسوخ، الجن في القرآن، زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم...، وأستمع لتلك المقتبسات من كتابات سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام من كتاباته وشعره، فتنتابني الدهشة والقشعريرة وترتعد فرائصي لسماع هذا الأسلوب الذي هو ظل للقرآن العظيم والحديث الشريف، فأقول في نفسي أين المفر أأذهب وأبايع الإمام ولو حبوا على جبل من الثلج كما أمرنا سيد البرية، أم ألزم وألتزم رأي العلماء الذين يملئون جو السماء بالأقوال والآراء.
في نهاية المطاف قررت الانعطاف إلى تصديق كلام الإمام عليه السلام لما وجدت فيه من قوة البرهان وانشراح الجنان، والشيء الذي دفعني دفعا لقبول دعوة الأحمدية الدين الأصيل هو دفاعهم عن شرف خاتم النبيين محمد عليه أفضل الصلوات، بتلك الشروحات لآي القرآن من قبيل {عبس وتولى} و{فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك}و{فلما قضى زيد منها وطرا...}و{وجدك ضالا فهدى} وغيرها التي كنت أتحرج من التطرق إليها لأن الفكر التقليدي شرحها لنا بطريقة تجعل المرء لا يجرؤ على مناقشة هذه الأمور وكأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في قفص الاتهام أو أنه كان يبحث عن طريقة لإرضاء أهل الكتاب وإغضاب الباري عز وجل، والعياذ بالله، ولكن حينما سمعت شرح الجماعة الإسلامية لهذه الأمور اطمأن قلبي وارتاحت روحي وشعرت بمكانة سيدنا محمد تملأ عنان السماء، بعدما ضاقت عليها الأرض بما رحبت في الفكر الذي أساء إلى الإسلام والقرآن ونبي الإنس والجان، فقررت أن أبايع الإمام الهمام بكل ثقة واطمئنان.
حالتي قبل أن أركب سفينة نوح:
كنت في ما مضى قبل أن أعرف الأحمدية إنسانا عاديا أصلي أحيانا وأترك أحيانا، أدخن، وأبحث عن إيجاد أي فرصة كيفما كانت لكي أعيش، قلبي معلق بالدنيا ومفاتنها، أركض هنا وهناك أريد أن أحقق ذاتي بأي طريقة ممكنة لا يهمني إن كانت حلالا أم حراما المهم كانت نار مضطرمة في أحشائي لا تتركني أن أعيش بسلام وانسجام مع ذاتي، ذلك أنني نشأت في أسرة فقيرة معدمة وجاهلة لم تعلمنا من أمر الدين لا قليلا ولا كثيرا لأن فاقد الشيء لا يعطيه، جهدها وهمها هو توفير الطعام لأولادها، أما بالنسبة لأنسابي أي أقرباء زوجتي فإنهم أناس قرويون بسطاء يشتغلون في الفلاحة وتربية المواشي، أما مستواهم التعليمي ومعرفتهم بالدين فبسيطة إلا أن فطرتهم سليمة، والحمد لله أني تمكنت من اقناع زوجتي وأختها، وكان الباعث على اقتناعها، هو سلوكي الذي تغير معها أي أنني أصبحت أحن عليها ولا أعاملها بالقسوة التي كنت أعاملها بها من قبل مع أن أخي الذي يكبرني ب13 سنة وهو مجاز في الدراسات الإسلامية وزوجته كانا يقولان لها لا تتبعي طريقه إنه مسكين تائه، إضافة إلى سلوك الأحمديين الذين يأتون لمنزلي قصد إقامة صلاة الجمعة فلا ترى منهم إلا الخير والمودة والرحمة، وهذا هو السبب الذي جعلها تبايع. المهم لم تكن معرفتي بالدين إلا ما تعلمته من المدرسة، وبالاحتكاك بالأقران في المجتمع: هذا رفيق طيب يصلي فأصلي معه وذاك رفيق سيء فأضل معه، ثم أنعطف مرة أخرى إلى الله، واستمر هذا الصراع في حياتي حتى صادفت القناة المباركة فلزمت جماعة المسلمين وإمامهم. فعندما كنت أصلي أصبح أكره كل الناس من أقربهم إلي إلى أبعدهم عني، لأن الفكر الذي أحمله يحثني على كره كل مخالف لي في المعتقد والسلوك، وأتصور نفسي أنني على صراط مستقيم، والآخرين ضالين يجب مقتهم وكرههم والتبرؤ منهم، حتى يكمل إيماني، وحينما أترك الصلاة أنغمس في الترهات ولا أنتظر الآخرة وأتبع فلسفة الوجوديين، وأقول إنما هي الحياة ولا يهلكنا إلا الدهر، فتمر السنوات وأنا في هذه الغيبوبة المطبقة، يقول لي الناس أنت إنسان طيب ولا تؤذي أحدا لا ينقصك إلا الصلاة والذهاب إلى المسجد، فأخجل من حالي وأطلب من الله أن يردني إليه ردا جميلا، وفي هذا الخضم كانت لي تأملات حول مفهوم الدجال قبل معرفتي بالأحمدية، إذ كنت أعتقد أنه هو الولايات المتحدة الأميركية، التي تجعل أي دولة تدور في فلكها تعيش حياة الجنة، وأي دولة خالفتها تلقيها في الجحيم، وبما أن عندي خلفية فكرية فلسفية تعتمد على الجدل، ومرجعية صوفية مبنية على فكر ابن عربي في السياسة، كل هذا جعلني أقبل الحق لما صادفته.
ملحد وسلفي:
أعود إلى قصتي مع الأحمدية، لكي نتقدم خطوة إلى الإمام، قلت سابقا إنني تابعت برامج القناة بلهفة وشغف كبيرين لدرجة أنني أستمع إلى الحلقة وأعيد الاستماع إليها في المساء حتى أرتوي وأشفي غليلي وأشبع فضولي، لكن مع توالي الأيام أصبح التلفاز لا يكفيني، وصرت أبحث عن الكتب لكي أقرأها، وأنى لي ذلك وأنا ليس عندي حاسوب لأنزل عليه الكتب، والأدهى من ذلك أن عيني التي أبصر بها أصابها ارتفاع الضغط فأصيبت بالعمى فصرت لا أرى حتى الطريق التي أمشي عليها، فكيف لي أن أقرأ وأرتوي. في تلك الأيام تعرفت على صديقين أحمديين بواسطة السيد مصطفى بن عبيل بارك الله له حينما اتصلت بالمكتب العربي في لندن، كانا يقطنان بجواري فأصبحا يأتيان عندي بين الفينة والأخرى فيقرأان لي من كتب الإمام المهدي عليه السلام، ومن التفسير الكبير لسيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد رضي الله عنه، وهما السيد محمد قطبة الذي قدم لنا مساعدات كثيرة وللجماعة المحلية جزاه الله أحسن الجزاء والسيد ماموني بوغابة. والغريب في هذه المرحلة الحرجة من حياتي كان لي زميلان في العمل واحد ملحد يكبرني بثلاثة عشر سنة، والأخر سلفي أكبره بنحو خمسة عشر سنة، كان كلاهما يقرأ لي على حدة كتب الإمام المهدي عليه السلام، ومن بين ما قرأ علي الزميل السلفي كتاب إعجاز المسيح فأعجب به أيما إعجاب ولكنه لم يبايع ويأخذ على الجماعة أنها تلغي الجهاد، المهم أنه رغم ذلك فإنه يكن لي وللجماعة الاحترام والتقدير والإعجاب. أما صديقنا الملحد، فإنه حاقد على القرآن الكريم وعلى النبي خير الأنام وعلى اللغة العربية أم الألسن ولا يهمه إلا البحث في القمامة عن أخطاء الشيوخ وآراء المتنصرين من أمثال الدجال زكريا بطرس لينتقد الدين الحنيف، ولأنه كان يستعمل الانترنيت، أكثر مني فقد قرأ ذات مرة أن الإمام المهدي عليه السلام، يدعي النبوة، فجاء يركض وهو مشتعل غضبا ويسب بصوت عال بأن ميرزا نبي، وكأنه يدافع عن شرف سيدنا محمد، مع أنه لا يؤمن بالله ولا أيشيء، بعد ذلك لم يعودا يقرأا لي أي شيء وبدأا يتهربا مني ويستهزئا بي مع الآخرين في غيبتي.
ومما حز في نفسي أنني طلبت من الشخص الملحد مرارا وتكرارا أن يملأ لي استمارة البيعة، فكان يصطحبني إلى مقهى الانترنيت، ويبحث قليلا ثم يقول لي لا توجد استمارة ولا شيء من هذا القبيل، فأعاوده وأستعطفه وألح عليه، فيأخذ بخاطري ويداهنني ويقول سأذهب وأبحث عن الاستمارة عن كثب، ولكنه لا يأتي بجديد، فاستيقنت أن الحسد والغل والغيظ أخذ منه مأخذه حتى منعه من مساعدتي، فتركته وتوجهت إلى الله، فأرسل إلي الإخوة بالمكتب العربي بناء على طلبي عبر الهاتف، السيد مصطفى أبو شيماء جزاه الله أوفى الجزاء، فاخذ مني البيعة وأعطاني كتابين هما: القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح ونور الحق، بالإضافة إلى عدد من مجلة التقوى.
الخطوة الحاسمة:
بعد اقتناعي بحجج وأدلة الإمام المهدي والمسيح الموعود على صدق دعواه، والصورة المضيئة التي يقدم بها فرسان الحوار المباشر الإسلام الحنيف، وحسن الخلق الذي يتمتعون به في حوارهم مع آباء الكنيسة المسيحية، وشيوخ الملة والدين الإسلامي، السادة سيدي أمير الجماعة في فلسطين محمد شريف عودة والأستاذ الجهبذ المرحوم مصطفى ثابت والأستاذين الجليلين هاني طاهر وتميم أبو دقة بالإضافة إلى رجال من أهل فارس الأساتذة الملهمين عبد المؤمن طاهر صاحب، عبد المجيد عامر صاحب، والسيد محمد طاهر نديم صاحب، قررت أن لا أعصي لحبيبي محمد المصطفى عليه الصلاة والسلام أمر مبايعة الإمام المهدي حينما يظهر ولو حبوا على الثلج، فعزمت الأمر، ولكن حينما سمعت تلك المقتبسات من كتاب تحفة بغداد للإمام المهدي عليه السلام وهو يخاطب ذلك الشيخ بأسلوب يتسم بالرقة والحلم والعطف على خلق الله، هذا الذي تجاسر على الإمام وبدأ يسب ويشتم وهو يدعوه إلى الاستخارة، فقلت في نفسي ربما هذا نداء لجميع من تحير في دعوة الإمام عليه السلام، رغم اقتناعه بالأدلة الواضحة، فقررت أنا بدوري أن استخير ربي وصمدي، فبدأت بصلاة التهجد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أختم بركعتي التهجد، وأطلب من الله أن يخبرني في أمر غلام أحمد القادياني أهو صادق أم كاذب والعياذ بالله، فاستخرت بفضل الله ثلاث جمع، فجاءني الجواب وزال الارتياب وكان صوتا تكرر ثلاث مرات وأنا مستيقظ والله على ما أقول شهيد وهو يقول: "يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ". فشعرت بالدهشة والحيرة والفرحة والغبطة معا، واطمأن قلبي فبايعت باقتناع ويقين.
بعد ذلك تغيرت حياتي كليا فأصبحت أعيش في جنة قرب الله وأشعر به سبحانه وتعالى يرعاني ويكلأني حتى ملأ علي كياني كله فأصبحت أوثره على كل شيء في الوجود لما عرفته حق المعرفة بواسطة الخادم الصادق لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومما زادني إيمانا وشوقا هي تلك الرؤى التي تواترت علي في بداية بيعتي، ومن بينها وأغلاها على قلبي رؤية الخليفة الخامس سيدنا أمير المؤمنين ميرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز، حيث رأيته في رؤيتين متطابقتين متكاملتين:
- الرؤيا الأولى رأيتني جالسا في فندق فخم بدولة تونس قبل ما سمي بالربيع العربي، في حفل زفاف حيث الموائد تحيط بمسبح كبير والموسيقى تملا الفضاء، والأضواء المزركشة والمأكولات والمشروبات المتنوعة، فإذا بسيدنا الخليفة مسرور أحمد نصره الله يظهر لي من الجانب الأخر للمسبح، فارتمى في المسبح بلباسه وعمامته وغطس تحت الماء وهو يسبح حتى خرج من الماء بجانب المائدة التي أجلس فيها وأخذني من يدي وخرج بي من ذلك المكان، انتهت الرؤيا الأولى، ولا أظن أنها تحتاج إلى تعبير أو تأويل فإنها واضحة الدلالة.
- الرؤيا الثانية: أما الثانية فقد رأيت سيدنا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز، يلعب معي كرة القدم في ملعب محاط بالأسلاك الشائكة، وأنا أضع على رأسي عمامة تشبه عمامة الخليفة المحبوب، وكلما ركضت لأخذ الكرة من بين رجلي الخليفة المحترم تقع عمامتي فوق الأسلاك الشائكة فتعلق، فأحاول إزالتها ولكنني أفشل، فيأتي الخليفة فيزيلها بيده المباركة ويقول لي هيا العب فتعلق العمامة مرة أخرى ثم أفشل في إزالتها فيأتي حضرته فيخلصها من الأسلاك الشائكة، استمر هذا المشهد للمرة الثالثة، ولكن في المرة الرابعة استطعت إزالة العمامة من السلك، فربت حضرته على ظهري وقال الآن العب وتركني وانصرف، هذه الرؤيا تحثني على ضرورة المجاهدة والرياضة والتقدم في الروحانيات.
هذا وقد رأيت ذات مرة أنني أشاهد تلفازين بمنظرين متباينين واحد هو قناة الجماعة الإسلامية الأحمدية م-ت-أ العربية وقناة أخرى بدون اسم، يظهر في الأولى فرسان الحوار المباشر برئاسة السيد الأمير محمد شريف ونور المرحوم مصطفى ثابت يلمع شاشة القناة وصوته الرخيم الهادئ يملأ أرجاء الأستديو وأجوبة الأساتذة واضحة وصافية بالجودة العالية أو أصفى، بينما الشاشة الثانية فقد رأيت شاشة ضبابية ذات لون رمادي وبداخل الاستوديو شيخ ملقى على أريكة وقواه منهكة وعلى وجهه قترة وصوته مرموز لا يكاد يفهم، المهم حالة يرثى لها تبعث فيك حالة من اليأس والقنوط والخذلان.
دعاء الخليفة:
والآن بإذن الله سأتطرق إلى موضوع مهم للغاية يبعث على الاطمئنان بحقيقة إمامنا الحالي سيدنا ميرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز، وهو تصديقا للإلهام الذي تلقاه سيدنا الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام، وهذا نصه: "إني معك يا مسرور" وهذا الموضوع هو استجابة الدعاء، ذلك أن لي تجارب مع استجابة دعاء الخليفة الخامس أيده الله بنصره العزيز، تتذكرون يا سادة يا كرام أثناء سردي لقصتي مع الأحمدية، أنني ذكرت أني أصبت بفقدان البصر بالعين التي كنت أرى بها، أما العين التي لم أكن أرى بها فكانت مهملة طيلة عمري، فأجريت عملية ولكنها لم تكلل بالنجاح، كان هذا قبل مبايعتي بسنة، أي سنة 2007 والأدهى من هذا أنني أصبت بالإضافة إلى ذلك بمرض حساسية الأنف ومرض الأعصاب وقليل من الاكتئاب لحزني وجزعي على فقدان البصر، ولم أجد في هذه الظروف العصيبة من يخفف علي وطأة الهموم والحزن التي انتابتني سوى القناة التي كنت أبث إليها حزني وغصتي، ولكن لما سمعت أن دعاء الخليفة مستجاب، أسرعت بالكتابة إلى حضرته كي يدعو الله أن يزيل ما بي من أمراض ألمت بي على حين غرة، فجاءني جوابه الغالي على قلبي، مليئا بالمواساة والأدعية بسرعة الشفاء من الله الشافي الجبار، وما هي إلا شهور معدودة حتى أجريت عملية جراحية على العين الأخرى فكللت بالنجاح فصرت أبصر أكثر من الأول، وحمدت الله على آلائه ومننه وراسلت الخليفة المحبوب أشكره على تعاطفه معي ودعاؤه لي الذي استجاب الله له، وزيادة على ذلك فقد غمرني فضل الله أن أزال عني مرض الحساسية الذي عانيت منه شهور وليالي طوال، رغم أن هذا المرض حينما يصيب أحدا فإنه يكون مزمنا ولا تنفع معه أدوية، فاستغرب كثير من الناس الذين يعرفونني كيف زال عنك المرض وما هي الأدوية التي استعملتها، فأجيبهم لم أستعمل أي دواء سوى الدعاء وبركة الخلافة، أما المعاناة النفسية فقد تجاوزتها بدعاء الخليفة أيده الله وقليل من الأدوية، وها أنا ذا أرفل في صحة جيدة وانسجام تام بين قلبي وعقلي لم أشعر بهما طول حياتي والحمد لله على هذا الوابل من البركات والتأييدات.
فالذين كنت أطلب منهما بالأمس أن يقرأا لي فيتهربا مني، أي زميلي في العمل "السلفي والملحد" أصبحا اليوم حينما يرياني أقرأ بنفسي يستغربان وتأخذهما الدهشة والاستغراب، وأراهما يرمقانني ويعظان علي الأنامل من الغيظ ولكن ما عساهما أن يفعلا أمام فضل الله سوى التسليم والاعتراف أن هذا هو الحق المبين. المهم أنني حينما بايعت وركبت سفينة النجاة، بدأت أشعر بالوحدة والانعزال وكل من يراني من الأصدقاء والأقارب كان يرثي لحالي، ويظنني فقدت البوصلة وأني سأغرق، عانيت كثيرا من أمر الصلاة مع المحيطين بي ذلك أنني لم أعد أذهب إلى المسجد فيقول لي الجيران هل نحن كفار حتى لا تصلي معنا، فأرد أني لم أكفر أحدا ولكن لا أصلي وراء إمام لا يؤمن بالإمام المهدي عليه السلام الذي بعثه الله في أخر الزمن، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليكن أئمتكم خياركم، فيردون علي أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال كذلك صلوا وراء البر والفاجر، فارد أن سيدنا محمد لا يمكن أن يقول مثل هذا الكلام، المهم أنني أشعر بالضيق والحرج حينما يأتي وقت صلاة الجمعة والعيدين وأنا لا أصلي مع إخوتي، إلى إن سمعت سيدي عبد المؤمن طاهر ينصح أحد المتدخلين في برنامج الحوار المباشر ينصحه بالإكثار من هذا الدعاء: رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين. فأدمنت على هذا الدعاء حتى أتى الله بأمير جماعة فرنسا السيد أشفق رباني والله إنه اسم على مسمى إنسان رباني روحاني خالص شفاه الله، فقام بتربيتنا وحثنا على ضرورة إقامة صلاة الجمعة، والانخراط في نظام التبرعات، ومن ذلك التاريخ ونحن نؤدي صلاة الجمعة الأعياد والحمد لله مؤيد العباد
هناك تجربة أخرى لاستجابة دعاء الخليفة نصره الله لا بد من الإشارة إليها، وهي أن لي صديقين بشرتهما بنزول المسيح الموعود عليه السلام، وأريتهما القناة فبايعا بإذن الله، وطلبا مني أن أكتب لهما رسالة إلى الخليفة أيده الله بنصره العزيز كي يدعو لهما أن يزدادا إيمانا وان يرزقهما الله عملا يعيشان بواسطته، خصوصا أنهما حاصلان على شهادات عليا، ولم يتمكنا من الحصول على العمل منذ تخرجهما قبل عشر سنوات، فراسلت الخليفة المستجابة دعوته فرزقها الله الوظيفة التي عز الحصول عليها في تلك الأيام، بل استحال الحصول عليها، فحمدا الله على نعمه ووطدا علاقتهما بالخلافة وأصبحا مخلصين لنظام الجماعة، بأداء التبرعات والحضور لصلاة الجمعة واللقاءات، زادهما الله فضلا على فضل وأكثر من أمثالهما.
اللهم نسألك قلوبا متقلبة مع الحق، وألسنة متصفة بالصدق، وجنانا مليئا بالحلم والرفق.

ذ. العربي الفخاض
المملكة المغربية
 


 

خطب الجمعة الأخيرة