loader
 

عقيدتنا في القرآن الكريم

يقول حضرة المؤسس عليه السلام في تبيان عقيدتنا في القرآن الكريم ما نصه:
"....أما عقائدنا التي ثبَّتنا اللهُ عليها، فاعلم يا أخي، أنّا آمنَّا بالله ربًّا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا، وآمنَّا بأنه خاتَم النبيين، وآمنَّا بالفرقان أنه من الله الرحمن، ولا نقبل كلَّ ما يعارض الفرقانَ ويخالف بيِّناتِه ومحكَماتِه وقصصَه، ولو كان أمرًا عقليًّا أو كان من الآثار التي سمَّاها أهل الحديث حديثًا، أو كان من أقوال الصحابة أو التابعين؛ لأن الفرقان الكريم كتاب قد ثبت تواتره لفظًا لفظًا، وهو وحيٌ متلُوٌّ قطعي يقيني، ومَن شكَّ في قطعيتِه فهو كافر مردود عندنا ومن الفاسقين. والقرآن مخصوص بالقطعية التامة، ولـه مرتبة فوق مرتبةِ كلِّ كتاب وكل وحيٍ. ما مسَّه أيدي الناس. وأما غيره من الكتب والآثار فلا يبلغ هذا المقامَ. ومن آثَرَ غيرَه عليه فقد آثر الشك على اليقين."

(تحفة بغداد، الخزائن الروحانية ج 7 ص 31)



ويقول حضرته عليه السلام في وصف القرآن الكريم وما يراه فيه من الجمال والكمال ما نصه:
"والله إنه دُرّة يتيمة. ظاهره نور، وباطنه نور، وفوقه نور، وتحته نور، وفي كل لفظه وكلمته نور. جنّة روحانية، ذُلِّلتْ قُطوفها تذليلا، وتجري من تحته الأنهار. كل ثمرة السعادة توجد فيه، وكل قبس يُقتبس منه، ومِن دونه خَرْطُ القَتاد. موارد فيضه سائغة، فطوبى للشاربين. وقد قُذف في قلبي أنوار منه ما كان لي أن أستحصلها بطريق آخر.

ووالله، لو لا القرآن ما كان لي لطف حياتي. رأيتُ حسنه أَزْيَدَ من مائة ألف يوسف، فملتُ إليه أشد ميلي، وأُشْرِبَ هو في قلبي. هو رباني كما يربَّى الجنينُ. وله في قلبي أثر عجيب، وحسنه يراودني عن نفسي. وإني أدركت بالكشف أن حظيرة القدس تسقى بماء القرآن. وهو بحر مواج من ماء الحياة، من شرب منه فهو يحيا بل يكون من المحيين.

ووالله إني أرى وجهه أحسن من كل شيء. وجهٌ أُفرِغَ في قالب الجمال، وأُلبس من الحسن حلّةَ الكمال. وإني أجده كجميل رشيق القد، أسيلِ الخد، أُعطيَ لـه نصيب كامل من تناسب الأعضاء، وأُسبغت عليه كل ملاحـة بالاستيفاء، وكل نور وكل نوع الضياء. وضيئٌ.. أعطي له حظ تام من كل ما ينبغي في المحبوبين من الاعتدالات المرضية، والملاحات المتخطفة، كمثل حَوَرِ العيون، وبَلَجِ الحواجب، ولَهَبِ الخدود، وهَيَفِ الخصور، وشَنَبِ الثغور، وفَلَجِ المباسم، وشممِ الأنوف، وسَقَمِ الجفون، وتَرَفِ البنان، والطُّرر المزينة، وكل ما يُصبي القلوبَ ويسرّ الأعين ويُستملح في الحسين.

ومِن دونه كل ما يوجد من الكتب، فهي نَسَمة خِداجٍ، أو كمضغة مسقَطة غيرِ دِماج، إن كانت عين فلا أنف، وإن كان أنف فلا عين، وترى وجوهها مكروهة مسنونة ملوَّحة. ومثلها كمثل امرأة إذا كُشف برقعها وقناعها عن وجهها فإذا هي كريهة المنظر جدا، قد رُمي جفنُها بالعَمَش وخَدُّها بالنَمَش، وذوائبها بالجَلَح ودُررها بالقَلَح، ووردُها بالبُهار ومِسكها بالبُخار، وبدرُها بالـمُحاق وقمرها بالانشقاق، وشعاعُها بالظلام وقوّتها بالشيب التام. فهي كجيفة متعفـنة، نَتِنةٍ مُنتـنة، تؤذي شامّة الناس، وتستأصل سرور الأعين، يتباكَون أهـلُها لافتضاحهم، ويتمنى النظيفون أن يدسّوها في تراب، أو يذبّون عن أنفسهم إلى أسفل السافلين.

فالحمد لله ثم الحمد لله أنه أنالني حظًا وافرًا من أنواره، وأزال إملاقي من دُرره، وأشبع بطني من أثماره، ومنح بي من النعم الظاهرة والباطنة، وجعلني من المجذوبين. وكنت شابًا وقد شختُ، وما استفتحت بابًا إلا فتحت، وما سألت من نعمة إلا أعطيت، وما استكشفت من أمرٍ إلا كشفت، وما ابتهلت في دعاءٍ إلا أجيبت، وكل ذلك من حبي بالقرآن، وحبّ سيدي وإمامي سيد المرسلين، اللهم صل وسلم عليه بعدد نجوم السماوات وذرات الأرضين."
(مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية ج 5 ص545-547)



ويؤكد حضرته عليه السلام على أننا نؤمن بالقرآن كاملا، ونؤمن بأن لا نسخ فيه إطلاقًا، بل نوقن أن كل تعاليمه عاملة، ولا تناقُض بين آياته ولا اختلاف. فيقول في هذا السياق ما تعريبه:
"إن رَقبتي هي تحت نِير القرآن الكريم، وليس لأحد أن ينسخ حتى نقطة أو حركة من القرآن الكريم."
(جريدة "أخبار عام" الصادرة من لاهور عدد يوم 26 مايو 1908)



ويقول حضرته عليه السلام حول الوعد الإلهي بحفظ القرآن الكريم ما تعريبه:
"صحيح أن معظم المسلمين قد تركوا القرآن مهجورا، ولكن رغم ذلك فإن أنوار القرآن وبركاته وتأثيراته حيّة وتتجدد دوما، ولقد بُعثتُ أنا لإثبات هذا الأمر. وإن الله تعالى يبعث دوما عباده لحفاظته (أي القرآن الكريم) وتأييده بين وقت وآخر لأنه قد قطع وعدا بقوله (إنا نحن نـزّلنا الذكر وإنا لـه لحافظون). وإن وعد الحفظ الذي وعد به الله تعالى عن القرآن لم يكن عن التوراة ولا عن أي كتاب آخر، لذلك تطرقت إلى تلك الكتب تحريفات وتبديلات إنسانية. ومن أكبر وسائل حفظ القرآن الكريم أن تأثيراته تتجدد وتتحقق على الدوام."
(جريدة "الحَكَم"، 17 نوفمبر 1905)



 

خطب الجمعة الأخيرة