
سُئِل حضرة أمير المؤمنين الميرزا مسرور أحمد أيده الله، الخليفة الخامس للمسيح الموعود عليه السلام، عن مشروعية الترحم على غير المسلمين فأجاب:
طرح مثل هذا السؤال مِن قبل مَن لديه علم القرآن الكريم أمر غريب. لقد بيّن الله تعالى في القرآن الكريم بأنه "رب العالمين" أي أنه ربّ جميع المخلوقات الموجودة في العالَـمين بغض النظر عن اللون والنسل والدين والملة. كذلك استخدم سبحانه وتعالى بحق سيدنا ومولانا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم كلمة "رحمة للعالمين"، ولم يقل "رحمة للمؤمنين" أو "رحمة للمسلمين"، وبذلك بيّن أن هذا الرسول رحمة متجسدة للعوالم كلها دون التمييز في اللون والنسل والدين والملة.
وهذا ما علّم النبي صلى الله عليه وسلم أتباعَه فقال: لا يرحم اللهُ من لا يرحم الناسَ. لقد قال "من يرحم الناسَ" ولم يقل "من يرحم المؤمنين أو المسلمين". فهذا الحديث الشريف أيضا يبيّن لنا أن قلب المسلم إذا كان زاخرا بالحب للبشرية جمعاء فعندها فقط سيكون موردًا لرحمة الله عز وجل.
أما الاستغفار، فقد أرشدنا القرآن الكريم والسُّنة الشريفة أن المشرك الذي تبين أنه عدو لله وأنه من أهل النار حتمًا فلا يجوز الاستغفار له. والمعلوم أن لا أحد يعلم ما إذا كان شخص ما من أهل النار إلا اللهُ ورسله وأصفياؤه الذين يخبرهم الله بذلك. ومن أجل ذلك نجد أن إبراهيم عليه السلام ترك الاستغفار لأبيه بعد أن أخبره الله تعالى أنه عدو لله.
لقد أنذر الله تعالى المنافقين في المدينة بسبب مكائدهم الخبيثة وإيذائهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين إنذارا شديدا، وعدّهم من العصاة وأهل النار، ومع ذلك لما كان النبي صلى الله عليه وسلم مخيَّرا في أن يستغفر لهم أو لا يستغفر لهم، فقد صلّى جنازة رأس المنافقين، عبد الله بن أبي بن سلول، واستغفر له.
الحق أن تعليم الإسلام بالعفو يحمل في طياته حكمة عميقة تخلو منها تعاليم الأديان السابقة. إن الإسلام يعلّمنا أن علينا الدعاء لهداية كل عدو والسعي لتعليمه وتربيته ما دام هناك أمل لإصلاحه وهدايته. لما أصيب المسلمون في غزوة أُحد بخسائر وأصيب رسول الله r أيضا بجروح، قال شخصٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو على أعداء الإسلام، فقال: "إن الله تعالى لم يبعثني طعانا ولا لعانا ، ولكن بعثني داعية ورحمة". ثم دعا: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون". وفي رواية: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ. أي أنهم يخالفون الإسلام لعدم معرفتهم به وبمكانتي.
باختصار، يأمر الإسلام أتباعه أن تكون قلوبهم زاخرة بالرحمة للناس جميعا دون التمييز في دينهم وملتهم ولونهم ونسلهم، وأن يستغفروا لهم، إلا المشركين وأعداءَ الله الذين ختم الله على كونهم من أهل جهنم.
أما إذا كان سؤالكم يخص شخصا معينا، فلا ينشأ السؤال عن مسلم أو غيره، بل يجب أخذ القرار بحسب المبدأ: لكل حادث حديث.