loader
 

ام أحمد الأحمد

بسم الله الرحمن الرحيم
نحمده ونصلي على رسوله الكريم، وعلى عبده المسيح الموعود
قصة بيعتي بدأت قبل معرفتي بالجماعةِ الإسلاميةِ الأحمديةِ المباركةِ بعدة سنين، قصة بحث عن حقيقةٍ ضائعةٍ (تُدعى تقوى) الجوهرُ الحقيقي للإسلام، ولكن أنى للبحثِ عنه من سبيلٍ، لقد ماتَ أهلُه وتاهت معالُمه، واندثرتْ حضارُته حتى باتَ مُهانا، إلا ماشاءَ اللهُ من أطلالٍ بدتْ كوشمٍ محاهُ طولُ الأيام. لم أدرك منه غير قناعٍ يغطي وجهَ عجوزٍ دميمٍ ما تركَ من رذيلةٍ إلا أجراها، ولاخطيئةٍ إلا تبناها حتى بلغتْ الفواحشُ مُنتهاها. ورغم ذلك خدعوني وقالوا إسلام، قبلتُه على مضاضةٍ، فليس لي خيار، فأنا من أسرةٍ مسلمةٍ أصومُ كلَ عام، وأصلي كلما تُقام، حركاتٌ وطلاسم ٌوعباداتٌ جوفاءٌ، والنتيجة (لا شيء) هباء.
وفي ذات يوم وقعت يداي على كتاب الوصايا العشر للإمام علي بن أبي طالب  وأخبرت من أحدهم بوجود وصايا عشر في التوراة، فقادني فضولي للإطلاع عليها وعجبت من إشراك أهل الكتاب؛ فأول الوصايا ( أنا الرّبُّ إلهُكَ لا يَكُنْ لكَ آلهةٌ سِوايَ) وآيات أخرى تدل على التوحيد. فأحدث ذلك قلقا في نفسي على بقايا من الإسلام، وهالني أن يؤولَ حالُنا إلى الكفر بعد الإيمان، بناءً على نبذِ تعاليم القرآن وموالاةِ أهل الصلبان، كحذوٍ نعلٍ ذكرتْ بهذا الشان، ورأيتُ أنَ شأنَنا لا يختلفُ عن باقي الأديان، فمنا الصالحون ومنهم القديسون بتصريحٍ من الرحمن، والكل يدعوه الله، ولكن أين هو؟ وكيف السبيل إليه؟ وهل نحن حقا الناجون وهم وقود للآتون وفي خضم هذا التوهان، والرَغبة العارمة في البحث والاستدلال، نشأت ظروف حالت بيني وبين تحقيق المرام، ودون جدوى سعيت وفي الله ما لاقيت، فكنت تارة أرضى بحالي.. وتارة أعاتب ربي على أحزاني، أني لا أستطيع في هذا الشأن حراكا؛ فلا أسمع منه جوابا، ويزداد علي الظلم وينساب أني أتعامل مع الخلق بالكتاب، إلى أن راح ظني أنما الدنيا دار للعذاب، وزادني هذا الألم معرفة بالحبيب وأدركتُ شدةَ حبِه للتبليغ، حتى جرى حبُه في عروقي.. واحتل مدحُه روحي.. أما حبه فكان مع وقفِ التنفيذ.. إذ لم تنعكس علي بركاته، وتمنيت أني مع صحبه الأخيار، الذين بذلوا لله كل غالٍ ورخيص لأرتمي تحت الأقدام.. أو أحظى بنظرة عطف وحنان.. ويقطر دمعي أن لا أجد بوابة تنفذني إليه عبر نفق الزمن رجوعاً، فكان ألمي شديدا، ولطالما تمنيت الموتَ أني لا أستطيعُ التعايشَ مع هذا الوجود!! وكان ظهور الموعود يجول في بالي، فأناجي مولاي بأنين، أنْ يا إلهي، لماذا لم تؤخر وجودي إلى ذلك الحين، فأتبعه وأكون مع الناجين؟ وكنت بمضي الأيام أزداد غربة عن الإخلاء، حتى اعتزلتُهم في داري، وطلقت جواري... إلا من هم مثلي في البحث والتمحيص، فأرشدوني إلى الصوفية! قلت أجرب وما يُضير، فلبست لباس الزهد إلى بضعِ سنين، حبسوني في غيابات ظنونهم.. تارة أصارع أفكارَهم وتارة أذعن للتدليس، يقولون ما لا يفعلون، ويطالبونك بما لا يطيقون، ويستغلونك أبشع استغلال، وما أن تعاتبهم على تقصيراتهم يقولون لا ضير علينا فنحن الواصلون..(أي أنهم غير مؤاخذين لأنهم وصولوا إلى درجة عالية من السمو الروحي وما صلواتهم إلا تأملات نيرفانية أوتسابيح).. وفي كل مرة يخلقون إفكاً ويقولون نحن مأمورون. فعلمت أنهم منافقون، تبدو عليهم سمات الرقة واللين، وإن ناظرتهم برَزوا أنيابهم كالسكاكين. بالطبع خفتُهم أشدَ خوفٍ، وما كان لي أن أستديم، فهداني ربي لأطرح عليهم مسألة ًلطالما حيرتني مذ كنت في بداية التعليم، وملت إلى رفيقة، رقيقة، مهذبة ورصينة، حرمت من الصُحبة لكونها من المسيحيين، فسألتهم: "هل سيعذب الله المسيحيين الذين لا يعادون الإسلام، قالوا نعم. قلت والسقط منهم ومن مات قبل التكليف. قالوا هم في الجنة لنا كالعبيد، قلت فما حال كل من يفنى قبل بلوغه دعوة المُرجى ، قالوا هم في النار.. قلت باسغراب: وما ذنبهم. قالوا أشرار.. قلت فما جريمُتهم. قالوا: مسيحيون...قلت وأين رحمتُه تعالى!؟ أبغير ما اكتسبوا من آثام. أو من غير ثبوت جرمٌ باهتضام؟؟.. والله ما هذا فعلُ رب جليل.. وما كان ربنا من المعذبين حتى يرسل من المعزين.. قالوا عجِبنا لكِ ما تنفكي تهرطقين وتتطاولين على الحضرة، ولا تستحيين.. استغفرى ربك وكوني من المنصاعين، هم في جهنم، ونحن إلى جنان النعيم.. قلت ولا أجد في قولي غضاضة، إذاً بالقسط والعدل وليس بالتخمين. قالوا: إن نحن إلا الوارثون، قلت: إسلام بالتقليد ..هذا مالفيتم عليه آباءكم ويحرم علي بعد هذا اليوم زادكم.
أدبرت عنهم يأطرني الحال لمناجاة رب الأرباب... بأسلوب مازجه العتاب. أسائله عني أنا من أكون. ولماذا خلقتني كإنسان. لولا خيرتني!! ومتى يوافيني الحِمام؟ فلا أجد مُعز غير الدموع... إلى أن شاء الله أن يوافيني ببرهان.. فتجلى الحق وانقشع السحاب إذ قد سمعت في التلفاز تفسيرا نفيساً لآياتٍ، مبنيا على الآيات، ما شابه خلل أو زافه نص من الإسرائيليات. أعجبت به إعجابا منقطع النظير فكان لي من المولى بشير يفندُ كلَ شبهة صوبت للإسلام، ويجلي معاني القرآن، ويعلى شأن رسولنا الكريم، فقلت: "والله إن هذا لقول سليم قويم، لا يرده غير لئيم. فتابعت مع الخليفة الرابع - رحمه الله الرحيم- قصة سليمان والهدهد إلى أن أشبعت روحي وانتعش فؤادي ودب فيه الحياة. فسارعت له عبر (برنامج لقاء مع العرب) بأسئلة من القرآن لطالما أعياني أن لا أهتدي لمعناه سبيل، فوافى مطلبي بالتفصيل، وزانه بالحجج والدليل فشفى نفسي العليل، حييته بسلام أرق من النسيم فدعا لي مبتهجا وقال: "So … Allah bless her" فما زلت أحظى ببركات دعائه ليل نهار.. فقررت البيعة.. وماكنت بحاجة للبرهان.
لكن المولي الرحيم، من علي برؤيا (رسالة تدق أمامي على آلة طباعة فخرجت كلمات باللغة الإنجليزية، أضاءت منها كلِمة واحدة بالون الأخضر وهي (Theology) فأثار فضولي وميضها فبحثت في معانيها.. فكان (علم التوحيد) فحمدت ربي أنها إشارة للتوكيد.. وفهمت أن إصلاح الإمام في العربية وعلم الكلام لا يدخل في منطق الأسباب.. وأن الله ولي التوفيق وهو خير الشاهدين.. كان ذلك في عام ألف وتسعمائة وخمسة وتسعين، حيث أشرقت دنياي وتعطرت بالرياحين. وتفضل الله علي ببركات كثيرة. إذ لم يدع لي حاجة في صدري إلا قضاها.. ولا مدلهمة إلا جلاها.. إلا ما يخشى عقباها، فكان أعظم تلك البركات، أني وجدت الله الرب القدوس مالك الروح والنفوس.. إلها ليس بأبكم.. يكلم ويتكلم، ويراعني بتوجيهات من آيات القرآن الكريم، وما اشتبه علي أمور في الدين، إلا وأمدني بالجواب اليقين..
كذلك شرفني بزيارة النبي r في حالة هي للكشف أقرب من المنام.. إذ تصدقت في الرؤيا بالمال.. فقلت لم يبق ما يحملني إلى الدار.. فقيل لي إن رسول الله في الانتظار، وسيقطع بك الشارع، فقلت أمعقول هو!!؟؟ ومن يراه!؟ قيل ها هو وأشير إلى علو استقرت عليه قدماه الشريفتين، فكانت على مستوى وجهي أرنو ببصري إلى محياه.. فانحنى علي مبتسما ماداً إلي يداه، فُنور جناني من سناه...ناشدته الدعاء لي، قائلة (ادعو لي يا رسول الله) فما زلت أكررها، حتى اشرورقت عيناي.. وما أن غاب عن ناظري، حتى أصابني شعور بالذهول والهذيان. ومن فورها تحصلتُ على إنعام كبير إذ قبلني الخليفة نصره الله كخادمة في جماعته المباركة.
لقد كانت نعمة عظيمة أن الله أرشدني إلى هذه المدينة الأحمدية ..المدينة التي لا تعرِفُ العنصرية ، فلا هي مشرقية ولا هي مغربية.. مدينةٌ ماؤُها كوثري عذبٌ نقيٌ أحمديٌ المنهج محمديُ التنزيل... أُشربته في قلبي فشفى نفسي العليل ..فالأحمديةُ ياصديقي. مدينةُ الحبُ والجمال والبهاء والجلال...هي عالمٌ لله رحبٌ يحضُنُ الروحُ الذكية، لا بدعم أو بعرق أو بتعريب الهوية... دستورها كتاب الله صدقا قيما دينُ السلام.. بايعتُ فيها الخليفةَ بالمحبة والسرور...
ولكن ما أن راح ابتهاجي لألُف من حولي الصحاب قيدوني في ظنونٍ ولثموني بالعتاب ، ثم صوبوا نحوي قضية. سألتُهم ما تهمتي قالوا أحمديةٌ. قلت فما جريمتي: قالوا تُصلحين في الأرض ولا تفسدين، وتَنهين عن المنكر ولا تنفكين، وتكسرين صليب النصارى ولا تأبهين. وتثبتين الموتَ لعيسى كالعالمين؟ قلت: وفي مقلتيّ حيرةٌ واستغرابْ، وهل أفعله لغاية أم تفريداً للرب الرحيم. قالوا: "ومن ذاك الرب الرحيم؟" قلت: "ويحكم..إلهُ محمد في الأولى، وربُ أحمد في الآخرين" استشاطوا في جنون، واستعانوا بالصحاح، وما أن أظهرنا الحقيقة استعانة بالكتاب، قاطعوني في شناعة و صغروني بالسؤال قائلين: "..ثم ما شأنُك بهذا يا إمرأة ؟ فما أنت إلا أنثى ناقصة عقل ودين، وأمرُك مَهين، وما الدينُ إلا لذوي اللحى والعمائمِ والفقهاء المبصرين. قلت: "ولم وجودي ولمن السجود ؟!" قالوا بازدراء: "مجرد تحصيل!"
حبستها في نفسي رهينة وغادرتهم بالوداد، ومضيت نحو الله اسعى بالتزام واجتهاد، إلى أن فاض علي عطفاً ولف من حولي قلوب. قلوب باكيات في حضرة المولي الودود .. فطابوا وطبنا وطابت الأحمدية ..وقد وجدنا اللهَ صدقاً محسناً ربَ البريةَ ..فما أن أناجيه حتى يلبيني، وما زلتُ أدعوه وما زال ينجيني، وما إن زللت حتى يواريني.. إلهي أنت مناني، وأنت محييني، وشاهد على صدقي، وإن شئتَ تُفنيني، اهدِ خصوماً يا إلهي بحق تأميني.
الأحمدية يا إخوتي سفينة المسيح، سفينة فضائية نزلت من السماء.. هبة من حضرة الكبرياء، روادها خلفاءٌ الخادم المخلص لسيد الأنبياء ...أعز الله بهم هذا الدين.. ونصرهم بالتمكين.. في زمن عم فيه البلاء، واشتد فيه الابتلاء.. من كثرة الغوغاء؛ وأما وقودها وما أدراك ما وقودها! وقود قرمزي زكيٌ، طاهرٌ ونقيٌ ...إنه دماء الشهداء، فلا يستقلها إلا الغرباء.. من انقطعوا لله... وصلحوا حين فسد الناس ومابقي فيهم من إيناس ، فطاب المسيح، وطاب الغرباء، وطاب الخلفاء... وطاب كل من دعا لمسرورنا بالنصر والعلاء.
أما ما علمتني الأحمدية يا إخوتي هو أن أجددَ نفسي في كلِ يومٍ، فلا أمسي إلا بتشكيل محكمة أرفع فيها ضدي قضية .. فأُديُننُي لتقصير بعمدٍ أو بسهو أو من غيرِ نية، ثم أرضى بآي الله قاضٍ وسنةِ طه خير البرية.
والحمد لله كل الحمد على كل ما أفاض الله علي من بركات روحية ومادية أوجز منها مايلي:
1- بارك الله في مشروع عمل افتتحته على نية الجماعة الأحمدية المباركة وذلك بعد طلب الدعاء من حضرة مولانا خليفة الوقت.
2- حصلت على تصريح (لزيارة والدي المريض في الولايات المتحدة) بعد دعاء مولانا المفدى للزيارة والشفاء، فالتصريح (الفيزا) أمر إعجازي لمن لا يملكون الجوازات، ولا ترعاهم سفارات!! وفي الحقيقة كانت أمنيتي في زيارة الوالد أعظم من الاطمئنان عليه، لقد كنت أخشى عليه الموت قبل أن يسمع دفاعى عن المهدي عليه السلام إذ كان من المنكرين له بشدة، فلما كانت أمنيتي خالصة لوجه الله تعالى، كان الله نعم المجيب لنا وهيأ لنا الأمر، في حين أن ابنة عمي التي تملك جواز سفر رسمي لم تستطع الحصول على (الفيزا).
3- شفاء أحد أقربائي من الجنون بفضل الدعاء بعد أن صرح الأطباء باستحالة الشفاء.
4- رأيت صورة المهدي عليه السلام (في حالة أقرب للكشف، فقد كنت أشعر بجسدي وحركات أقدامي.. وفي تلك اللحظات رأيت صورته تخرج من صندوق أشبه بالتابوت, أخذت تعلو وترتفع، ثم تلاها خروج لوحة كبيرة كتبت فيها الأيات الأوائل من سورة المؤمنون.. ما زلت أذكرها كأنها أمامي.
5- تفضل الله على سيدة من عائلتي ووهب لها البنات بعد انتظار أبكاها لسنوات.. وأخرى، طلبنا من الحضرة الإلهية أن يكون حملها آية صدق لنا ( بقولنا اللهم اجعل هذا الحمل آية على صدق الإمام المهدي عليه السلام) فاستجاب الله لنا في نفس الشهر.
6- سيدتان ناظرتهما في شأن الإمام المهدي عليه السلام بود ومحبة وإخلاص.. فاستهزأتا وأعرضتا. أصيبت إحداهما بعد عدة سنوات بشلل نصفي، والأخرى أُهينت في المدة ذاتها بإلقاء بعض أمتعتها من الشرفات على مرأى الجيران بعد صدور بيان رسمي من المحكمة لصالح المُدعي بنزع ملكيتها للبيت... إلا أن هذا الخصم كان عديم الرحمة لدرجة أنه أخذ يخلي البيت من الأثاث ويلقيه في الشارع كما تلقى القمامة بطريقة يستحيل أن تصدر من مسلم.
7- قمنا ببيع عقار لنا بسعر جيدٍ وابتعنا قطعة أرض بثمن زهيد، وما أن تم البيع حتى هبطت أسعار البيوت وارتفعت أسعار الأراضي، لم يكن الأمر مفاجئة فلطالما كنت أكرر أمام الأهل أن الله سيبارك لنا بفضل الأحمدية.
8 – قبل عودة بث القناة الأحمدية بعد انقطاعها لفترة معينة لا أذكرها .. رأيت خليفتنا مسرور أحمد نصره الله يطل علي من نافذة في جدار الغرفة بحجم التلفاز، فلم أفهم تأويله، فاتصلت بإحدى الأخوات في دمشق وأخبرتها بذلك، وبعد يومين اتصل بي أخ أحمدي من دمشق وبشرني بعودة القناة وأعطاني ترددها الجديد، فكان تأويل النافذة هو التلفاز.
9- في السنة الماضية 2011 شرفني والدي بزيارة استمرت لشهور، وجرت بيني وبين والدي نقاشات طويلة حول صدق الإمام عليه السلام، وكان شديد الهجوم عليه، وكنت أرى أن من واجبي عدم السكوت عن الحق، فكنت لا أتوانى عن الدفاع عن سيدنا الإمام عليه السلام، ولما أن شعر والدي بشدة تعلقى به اشتد في نقاشاته، وكنت حائرة في الأمر هل استمر في ضرب الأمثال والاستشهاد بآيات من القرآن لإقناعه، أم أتوقف عن ذلك وخاصة أنه ضيفي، ولشدة غضبه هددني باستئجار منزل وترك ضيافتي ..حتى بدت حياتي جحيم، وفي هذه الأيام، رأتني ابنتي في رؤيا أني أتحدث في الهاتف إلى أحدٍ ما، فوقع في نفسها أني اتحدث إلى جبريل عليه السلام، فقالت هذا هو، ثم اقتربت من الهاتف فرأت جبريل عليه السلام يلبس عباءة بنية اللون، طويل جهامي، جميل المنظر فيه جلال، وكان يقول لي: أعرضي. ( تقصد أن أعرض عن الاستمرار مع والدي في تلك النقاشات العقيمة).
لقد منّ الله على الإنسان ووهبه العقل وعلمه البيان وبين له طريق الخير وطريق الشر على حد سواء، وترك له حرية الاختيار بما فصله له في القرآن الكريم من مواعظ وعبر وما ضربه من أمثال، فحري بالمسلم أن يكون سباقا في سبل الخير على غيره من الأمم ويحسن الاختيار.
يقول تعالى في كتابه العزيز :
أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (البلد: 9-13)
فتفكر يا أخي في الإسلام في كلام الله المنان ولا تركن إلى كلام الشيوخ والرهبان واستعمل كل أساليب البيان لترقى في سلم العرفان بعد تجاوز هذا الامتحان وقم بفك رقبتك من يد الرحمن. وأحسن إلى نفسك قبل الإحسان واهرع إلى ذلك قبل فوات الأوان ليدخلك الله في باب الريان وإن أردت فك الرقاب فابدأ برقبتك قبل العقاب وإذا رغبت في دخول الجنة فقم بتطبيق تعاليم القرآن والسنة وقبل أن تلعن المشركين من الناس، انصب لنفسك محكمة على هذا الأساس، فإذا قلت فاعدل ولا تخسر الميزان ولا تمرق في الدين مرق السهم من الدرية، وكما مرور الحية من الطية. ثم فكّر وتأمل بما وهبك الله من الحواس وقل لماذا أنزل الله على بني إسرائيل أنواع القصاص؟ ثم زن لنفسك بنفس القسطاس. وتذكر كلام رسول رب الأنام في قوله على رأس كل قرن يأتيكم إمام، وقوله وهو بعد الله أصدق الصادقين: الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم الدين. فمن هو في رأيك هذا الإمام الأمين في مثل هذا القرن الحزين؟ فلا تنكر وجود هذا الإمام الموعود المنتظر لهذا الوجود فتنقض المواثيق والعهود لتصد عنه أشد الصدود، فقم بتصديق المهدي التابع وبقوة إيمانك عن شرفه دافع.
فإذا أردت أن تكون من أولياء الله الأوفياء الأصفياء, فلا تنتهج سنن من قبلك بدون دراية وذكاء لتفترى على الله أشد الافتراء فتقول إن هذا إلا سحرُ مفترى ولن ينزل الله شيئاً في الورى, وتنسى أن الله الغفور لا يعجزه أن يحيي من في القبور. فتب إلى الله وكن من الشاكرين وتلقى الحكمة من رب العالمين كما تلقاها لقمان الحكيم, ثم تفكر في الوصايا ولا تأمنن مكر رب البرايا, ولا تغتني بما عندك من الهدى والنور فيتجسد فيك كيان الشيطان المغرور واعلم أن ليس بعد نور الله نور, فاصدع بما تؤمر وأعرض عن الجاهلين وإن جاهدوك في كل وقت وحين, واعلم أن لله نفحات وجذبات وتجليات غير محدودات بأي من الاتجاهات إذ أنها تفوق كل الاعتبارات لأنها حتماً من رب الأرض والسماوات, فإن رحمك الله سيهبك من تلك البركات...
وها أنا يا إخوتي على اتصال مع خليفتنا المفدى وأميرنا المطاع ميرزا مسرور أحمد- نصره الله ووسع داره- وما سألته دعاء إلا وافاني بالجواب دون سأم أو ملل أو عتاب.

خادمة الأحمدية
جنان عناني
أم أحمد الأحمد
سورية


 

خطب الجمعة الأخيرة