loader
 

حبه للعرب

لقد كان حضرته عليه السلام يحب العرب حبًّا جمًّا، وقد كان حبه للعرب منطلقا من إيمانه العظيم ومن حبه لله ولرسوله ولدينه، وعملاً بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "حبُّ العرب من الإيمان". ولقد مدح العرب وذكر مناقبهم في مواضع كثيرة من كتبه، ومنها ما نصه:
"السلام عليكم، أيها الأتقياءُ الأصفياء، مِن العَرَبِ العُرَباء. السلام عليكم، يا أَهْلَ أرضِ النبوّةِ وجيرانَ بيتِ اللهِ العُظمى. أنتم خيرُ أمم الإسلامِ وخيرُ حِزبِ اللهِ الأَعلى. ما كان لقومٍ أن يبلُغ شأنَكم. قد زِدتم شَرَفًا ومَجدًا ومَنـزلاً. وكافِيكم مِن فخرٍ أن اللهَ افتتحَ وحيَه من آدمَ وختَم على نبيٍّ كان منكم ومِن أرضِكم وَطَـنًا ومَأوًى ومَولدًا....
يا سكّانَ أرضٍ وَطِـئَتْها قَدَمُ المصطفى.. رَحِمَكم اللهُ ورَضِيَ عنكم وأَرْضَى.. إن ظني فيكم جليلٌ، وفي روحي للقائكم غليلٌ، يا عبادَ اللهِ. وإني أَحِنُّ إلى عِيانِ بلادكم، وبركاتِ سوادِكم، لأزورَ مَوطِئَ أقدامِ خيرِ الورى، وأجعلَ كُحْلَ عيني تلك الثرى، ولأَزورَ صلاحَها وصُلحاءَها، ومَعالِمَها وعُلماءَها، وتَقَرَّ عيني برؤيةِ أوليائِها، ومَشاهدِها الكبرى. فأَسْأَل اللهَ تعالى أن يرزُقَني رؤيةَ ثراكم، ويَسُرَّني بمَرآكم، بعنايتِه العظمى.
يا إخوان.. إني أُحِبُّكم، وأُحِبُّ بلادَكم، وأُحبُّ رَمْلَ طُرُقِكم وأَحجارَ سِكَكِكم، وأُوثِرُكم على كلِّ ما في الدنيا.
يا أَكبادَ العرب.. قد خَصَّكم اللهُ ببركاتٍ أَثيرة، ومَزايا كثيرةٍ، ومَراحِـمِه الكبرى. فِيكم بيتُ اللهِ التي بُورِكَ بها أُمُّ القُرَى، وفيكم روضةُ النبيِّ المبارك الذي أشاعَ التوحيدَ في أقطارِ العالَمِ وأَظهَرَ جلالَ اللهِ وجَلَّى. وكان منكم قومٌ نصَروا اللهَ ورسولَه بكل القلبِ، وبكل الروحِ، وبكل النّهَى. وبذَلوا أموالَهم وأنفسَهم لإشاعةِ دينِ اللهِ وكتابِه الأَزْكَى. فأنتم المخصوصون بتلك الفضائلِ، ومَن لم يُكرِمْكم فقد جارَ واعتَدَى."

(مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية ج 5 ص 419-422)


وقال عليه السلام ناصحًا لهم ما نصه:
"إني معكم، يا نجباء العرب بالقلب والروح. وإن ربي قد بشّرني في العرب، وألهَمَني أن أُموِّنَهم وأُرِيَهم طريقَهم، وأُصلِح لهم شؤونهم، وستجدونني في هذا الأمر إن شاء الله من الفائزين.
أيها الأعزة، إن الله تبارك وتعالى قد تجلّى عليَّ لتأييد الإسلام وتجديده بأخصِّ التجليات، ومَنَحَ علي وابلَ البركات، وأنعم عليَّ بأنواع الإنعامات. وبشّرني في وقتِ عبوسٍ للإسلام وعيشِ بؤسٍ لأمة خير الأنام، بالتفضلات والفتوحات والتأييدات؛ فصبَوتُ إلى إشراككم، يا معشرَ العرب، في هذه النعم، وكنت لهذا اليوم من المتشوقين. فهل ترغبون أن تَلحقوا بي لله رب العالمين؟"
(حمامة البشرى، الخزائن الروحانية ج 7 ص 182 و183)


مكانة اللغة العربية عنده
وقد أعلن حضرة الإمام المهدي عليه السلام أن الله تعالى قد أخبره أن اللغة العربية هي أم الألسنة، وأنها الأصل لجميع اللغات، وأنها اللغة التي علّمها الله تعالى لآدم عليه السلام. ودلل على ذلك بدلائل عدة منها أن الله اختار أن يبعث نبيه الخاتم صلى الله عليه وسلم، في قرية هي أم القرى، بلسان هي أم الألسنة، بالقرآن الكريم الذي هو للناس كافة. يقول حضرته عليه السلام في ذلك ما نصّه:
"وتفصيل ذلك أنه صرف قلبي إلى تحقيق الألسنة، وأعان نظري في تنقيد اللغات المتفرّقة، وعلّمني أن العربية أمّها، وجامع كيفها وكمّها، وأنها لسان أصليّ لنوع الإنسان، ولغة إلهامية من حضرة الرحمن، وتتمّة لخلقة البشر من أحسن الخالقين.
ثم عُلّمتُ من كلام الله ذي القدرة، أن العربية مخزن دلائل النبوّة، ومجمع شواهد عظمة هذه الشريعة، فخررتُ ساجدًا لخير المنعمين....
ومع ذلك رأيت لُغاتٍ أخرى كخضراء الدِمَن، ووجدتُ دارها خربة وأهلها في المحن، ووجدتها شادّة الرحال للظعن كالمتغرّبين." (منن الرحمن، الخزائن الروحانية ج9 ص 166-168)
وقد بين أن من أخطاء الملوك والأمراء المسلمين أنهم لم يهتموا باللغة العربية وأشاعوا غيرها من اللغات، مع أن العربية لو كانت هي لغة المسلمين في تلك البلدان لكان هذا خيرا. يقول حضرته في ذلك ما نصّه:
"ثم من معائب هذه الملوك أنهم لا يشيعون العربية، ويشيعون التركية أو الفارسية، وكان من الواجب أن يُشاع هذه اللسان في البلاد الإسلامية، فإنه لسان الله ولسان رسوله ولسان الصحف المطهّرة.... وهذا من أوّل أسباب اختلالهم، وأمارات وبالهم، فإنهم تمايلوا على دِمنة من حديقة مطهّرة، ونبذوا من أيديهم حريبتهم ومزّقوا عيبتهم، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو أرفع وأعلى، وشابهوا قوم موسى. ولو أرادو لجعلوا العربية لسان القوم، ولو سلكوا هذا المسلك لعُصموا من اللوم. فإن العربية أم الألسنة وفيها أصناف العجائب وودائع القدرة."
(الهدى والتبصرة لمن يرى، الخزائن الروحانية ج 18 ص 311-312)


 

خطب الجمعة الأخيرة