البلسم الشافي والنبأ الوافــــــــــي
بســـــــــــــــــــــــــم الله الرحمن الرحيــــــــــــــم نحمده ونصلي على رسوله الكريم.
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة العلم والقلم، وخصنا بعقل ندرك به ونتفهم، وقلب نحس به ونتألم، ولعل من سنته أن أحسن خلقنا وقوَّم، وابتلانا فأوجع وسقَّم، فطوبى لمن صبر وأناب وخشي ربـــــــه من العذاب، واجتاز الامتحان وفاز برضى الحنان فكان من المقبولين.
أما بعد السلام على كل قارئٍ لهذا المقال وسلام خاص على سيدي خليفة الله في الأرض وخليفـــــــــــة خاتم النبيين وفخر المرسلين في الاعتقاد وحسن الأخلاق، صلى الله عليه وسلم وخليفة المسيح في طرد الوسواس ومسح الأحقاد.
لقد آمنت بالله ربا وبمحمدٍ نبيًا ورسولًا وآمنت بأحمد بن مرتضى القادياني مُجدِدًا ومُلْهَمًا ومَبْعُوثًا وبايعت ودخلت الجماعة الأحمدية وعهدي بها قائم إلى أن يدركني الموت إن شاء الله رب العالمين.
وبعد اتصالاتٍ ومراسلاتٍ طُلِبَ مني سرد أحداث بيعتي وقصتي التي عشتها حتى وصولي إلى بر الأمان وجماعة الإخوان في الله حقا، فكان سردي على هذا النحو الذي تقرأون، فعسى أن يهدي به كل متردد وكل مُعْجَبٍ مُشَكك، وكل خائف حذر، وكل يائس فقد قدراته الحماسية والعقلية والتدبرية فكان من اللاَّمُبالين.
فكما أُعلمكم أني نشأت في أسرة محافظة سنية في قبيلة عريقة تمثل أكبر عدد سكان الجزائر، تشريعنا قائم على المذهب المالكي وهذا ما أقرته الحكومة ووزارة الشؤون الدينية فأغلبية الشعب مالكيين قبل أن تهب علينا رياح الوهابية أو السلفية بما يعتقدون، فالكل يفتخر أيا كانت عقائده بالثورة التحريرية العظمى وأبطالها الأشاوس الذين ضحوا بالنفس والنفيس لتحيا الجزائر حرة مسقلة من ظلم الاستعمار والاستبداد، وكما نفخر بعلماء الإصلاح ورواد النهضة العلمية في الجزائر كعبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي وغيرهم من المفكرين والكتاب...
فكانت أغلبية الجزائريين إن لم أقل الكل تحب الإسلام وتمجده والكل في حمية واحدة حمية الدين والوطن. وبين كل هذه العقائد التي بنت شخصية كل جزائري ظهرت في سنوات خلت فتنة نسميها العشرية السوداء أو العشرية الحمراء لما سال فيها من دماء، فتعادى الإخوان وكل له سببه فراح ضحيتها خيرة أبناء الجزائر فمن جهة الحكومة قُتل الصحفيون ورجال الشرطة والدرك والجيش دفاعا عن حرمة الدولة ومؤسساتها كما قتل الكثير من خيرة الشباب المتحمس للدين والحالمين بدولة الحق دولة الخلافة لحل مشاكل رأوها وليدة الحكم لخيال في نفوسهم وعلى قدر فهمهم، فكان الحلم في اعتقادي " أن القدس الشريف المحتل من طرف القوى الصهيونية هو المحرك الحقيقي والدافع الكبير لوحدة العرب والمسلمين وإرجاع المجد القديم لأمة الإسلام وتلقين العدو درسا لأنهم تجاوزوا كل الحدود وانتهكوا كل الحرمات والمواثيق الدولية، فحلفاء إسرائيل الذين وهبوها القوة والحماية هم أنفسهم الذين رسموا الحدود الجغرافية التي قسَّمت العالم الإسلامي إلى دويلات يسهل تدميرها وتحطيمها، وكان العائق الأول هي حكوماتنا، فمن البديهي أن تزال هذه الحكومات لتمحى الحدود الوهمية من وجهة هذا النظر في الفكر ومن ثم أُعْلن العصيان والجهاد فكان ما كان".
فثبت عدم نجاح هذا الفكر لا في السودان ولا في الجزائر ولا غيرها من البلدان، إلا حركة طالبان الأفغانية فقد نجحت في تكوين جيش واسم سمعه كل العالم لكن ما فتئ أن سمع صيته حتى أدى بنفسه وبأفغانه إلى دمار وخراب تام و... حلم كبير تلاشى...
المهم أننا صحونا من حلمنا المفزع وكانت لنا تجربة مريرة نتمنى ألا نرجع إليها ولاتعاد علينا حلقاتها، فبفضل الله الرحيم الذي استجاب دعوات اليتامى والثكالى والمظلومين، ودعوات أصحاب القلوب الرحيمة والمرعوبين، ودعوات الفتيات والنساء اللاتي لم يتمتعن بحياتهن واستغللن بأبشع الصور وكن مقهورات. . .
فاستجاب الرب الكريم ووهبنا الأمن والأمان في مشروع المصالحة الوطنية والوئام المدني الذي صادق عليه الشعب وشرعه المخلصون من أبناء هذا الوطن العزيز فما أعظم السلام وما أحلاه أوليس اسما من أسماء الله الرحيم؟
وطلَّق حينها الكثير من الناس أصحاب الرؤى والمعارضين ساحة السياسة لأن معاركها لا تؤدي إلّا للدمار والخراب والكراهية في نظرهم، وانشغلوا بحياتهم اليومية ولعلي كنت واحدا من هؤلاء الذين شغفتهم المعارك وتابعوا الأحداث وتولدت فيهم آراء وانطباعات ورسمت في مخيلتي مشروع دولة، ورسمت لها خططا وحلول على قدر اتساعها وخصوبتها، حتى انشغلت بعدها بحياتي فأسست شراكة تجارية مصغرة قاصدا منها تقوية نفوذي وإعطاء لنفسي قوة مادية تكون إداما لكلامي وحضوري في المجتمع، ولكن ما إن غرست أنفي في العمل حتى انقطع قلبي من اللهفة وجهد الديون، وكل نتيجة نصل إليها من النجاح وكأنها ملح أجاج، لم ترو عطشنا بل زادتنا عطشا وحطاما، وبين الفينة والأخرى أستغرب هذا الأمر وأسأل ربي اللطف، ولعل أسئلتي إلى الله المباشرة وغير المباشرة التي كانت تختلج بها روحي جعلتني أبحث عن نفسي في خضم هذا الظلام الدامس الذي لم يكن سوى سجن بنيته بيدي وأغلقته بمفتاح يسمى الشطارة، فها أنا أذكر ذلك اليوم ولن أنساه أبدا ما دمت حيا ذلك اليوم الذي أغلقت فيه اتصالاتي ومحلاتي فليكن ما يكن سأرتاح، فتملَّصت من دنياي تمَلُّص البعير من معقله، وذهبت حينها إلى بيتي ودخلت إلى غرفتي واستلقيت بحذائي على سرير نومي وأنا منهك القوى والروح، تعب وحيرة، ديون تلاحقني وأخرى ألاحقها، وكان جهاز التلفاز يعمل صدفة ولم تكن تعنيني مشاهدة البرامج فكانت من التفاهات بالنسبة لي، فسمعت حينها كلماتٍ وقعت وقع الحجر في الماء، فأحدثت صوتا جعلني أهز برأسي وألتفت إلى الشاشة، فإذا بي أرى شخصين بحلة تعطي للعين كُحلَها وعلى رأسهما قبعتين في جنب أحد القبعات ريشات صفر كأنها ذهب يشع، وكانا السادة محمد شريف وهاني طاهر حفظهم الله، فأشع قلبي حيوية بعد الإحباط واليأس الذي كنت عليه فسمعت يومها وفهمت أن لا نسخ في القرآن، فمن هؤلاء وما هذه النافذة التي طلت عليا بريحها العذب؟ وتابعت بكل شغف في تلك الأيام على التوقيت المحدد (نظرات في الفكر الإسلامي) وتهلل وجهي وارتاحت نفسي وارتعد لساني وصاح للمحبين والأقربين والذين أخالهم ذوي علم وأنفة على الدين، وصحت يأيها الناس يأيها الإخوان لا نسخ في القرآن، لا جن ولا خيالات ولا أوهام، وقفزت فرحا نشوانا ولكن وكأني لم أحدث أناسا بل حجارة وجدرانا، فكنت الشاذ والمسكين فيهم والمشفق عليه عندهم فحينئذ اخترت قلمي بعدما نفضت عليه غبار الغربة والغياب وأوراقي بعدما زادهم الشوق والاشتياق فتعانقنا ولطمنا وجه الفراق فكانا من بعد الله الكريم صَاحِبَيَّ وَأَنِيسَيَّ في كل رحلةٍ أَشُدُّ الرحال إليها وتعاونا وكتبنا قصيدة:
أغيثوني بالغيث النافع
إِنَّ الأيامَ إِذَا تَنَوَّعتْ أخبارهــــــــــــــا كل شأن بان فيها يُحيـــــــــــــِّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرُ
تَعدَّدَتْ الفِئَات وكثر روادهـــــــــــــــــا متعصبين للرَّأْيِ وكُلٌ جَائـــِــــــــــــــــــــــــــــــــــرُ
هذه الغلو والتطرف سبيلهـــــــــــــــــــــا وذاك على ركب العولمة سائـــــــــــــــــــــــــر
بعدما كان الإسلام موحدهــــــــــــــــا ها هي أشلاؤها اليوم تتناثـــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
بِحماتها العلماء صعب انتشالها فأين المجاهد وأين المحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرر
أسئلة كل منا سائلهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا فأين المجيب وأين المعبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
حتى لاحت عيني بصرهــــــــــــــــــــــــا وتابعت ما هو نير ومنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــور
تلك الأحمدية بان شعاعهـــــــــــــــــــــــــــــــــا عبر mta نظرات ومنظــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
نظرات في الفكر نخبة تعدهــــــــــــــــــــــــا صفوة من الرجــال و الحرائــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
بستان من البساتين فاح عطرهــــــــــــا فــــــــــــــــــــــــــــــــــل وريحان وعنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبر
حمدك ربي أني زرتهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ورزقتني بصرا فكنت مبصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
فإن سبيلك الحق فكلني اختيارها وأعني عليه لأني سائــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
طريق طويل أعطني زادهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا علم وتقوى ألم وتصبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
قرأت القصائد ولمست زلالهــــــــــــــــــــــــــا صدق وإخلاص ورجل ثائــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
تذوقت الينابيع وعذبهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا لأني مؤمن ليس لأني شاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
ألفيت جماعتكم فاتحة أحضانهـــــــــــــا من اليوم راسل إليكم ومسطــــــــــــــــــــــــــــــر
أخوة في الله والقصيدة مفتاحهــــــــــــا قبولها عز لي ومفخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
بمداد الجزائر تم كتابهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا وبقلم محمد (ه) تتحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرر
ولم تكن رحلتي سهلة فقد واجهتني عواصف الشك مرارا، وتسلحت بالنقد والبحث عن الخطأ إنكارا، وكنت الجندي العنيد الذي يقبل الموت إصرارا، حتى زنت بميزان العقل إصراري وإنكاري وعلمت أنها معركتي مع نفسي فحينها انقضى ليلي وطلع نهاري، فهاكم واحدة أو اثنين من تلك المعارك والصراعات فقد كُتِبَت على هوامش فكري تلقائيا نقاطا بقلم الحاذق الذي يبصر الحقائق دهاء: "مقر الجماعة في بريطانيا الأم الحنون لإسرائيل ووعد بلفور؟ خطبهم بالإنجليزية؟ والذي زاد الطين بلة الكبابير صوت العرب من قلب إسرائيل؟ فالأكيد أنها مؤامرة محاكة بإحكام لزعزعة قوة الجهاد الذي عدَّلُوه ومسخوا معناه الحقيقي كي تربط أيدينا ونسمح في قدسنا وأراضينا "
وكان لي مع السيد محمد شريف كلمات قليلة جدا بواسطة المسنجر أو السكايب في هذا الموضوع بالذات فأجاب بزجر ولهجة صارخة أتريدوننا أن نهجر بلادنا ونتركها لهم؟ فأحدثت نبرات صوته وصدق لهجته شقا في صدري فكأنه زئير أسد في قفص صائده أو أسير يتخبط في أغلاله فحينها ندبت حالي وندمت على سؤالي وقلت في نفسي يا ويحنا من أمة باعت شرفها وعزها وبلدانها وديارها وهي الآن في أشد الهوان فنعترف أمام الله أننا نحن الجناة لما تركنا ديننا وابتعدنا عن هدي نبينا صلى الله عليه وسلم وصعب علينا أن نعيد الشمل من جديد مهما كانت الخطط والخطب والتعبئة فأصبح مستحيلا لولا هذا النهج السوي الذي سلَّمت له أمري وكنت له من التابعين، أما قصتي الثانية مع الشك والنباهة فهي كما تعلمون أننا وصلنا في هذا الزمن الى أخبث أنواع المكر والحيل فلأني كنت تاجرا كانت تهوي إلينا كل يوم أفواج من المتسولين وطالبي العون باسم الحاجة وباسم الدين وتعددت ألوان الخدع والحيل وأصبحت تمثيلية في مسرح، الواقع منصته، وسئمنا من دور المشاهد الذي يقطع التذاكر بجهد ماله ويخرج من مسرحه هذا كالذي اصطاد الريح في الشباك فلا أجر ولا منفعة، فأمسى كل فاعل خير كأنه الغبي المغفل الذي يبذل كل جهده فتنطلي عليه هذه الحيل فتنفض ما كسب وما ادخر حتى قست قلوبنا فلا نفرق بين المحتاج والمحتال وطرأ على ثقافتنا الجديدة حتمية أن الذي يتأثر بهكذا حركة شيمته السذاجة ويعتبر مضحكة لنفسه وللغير من الذين كأنهم علموا الدنيا وخباياها وكانوا من المتفطنين فأما قولي هذا فمقرون بالوصية، والتحريك الجديد، وكل التبرعات التي تجعل من القيادة أثرياء ويركبون أجود ماركات السيارات وذلك لملاحظاتي لموكب الخليفة أثناء تأدية صلاة الجمعة، ولم تكن قناعتي الأكيدة فكما قلت سابقا أنها نقاط كُتبت على هامش تفكيري ولم تكتب من زاوية حب المال ولكن من وجهة نظر المكر والاحتيال، وكانت لغة الخليفة نصره الله بالإنجليزية وزد عليها طريقة إلقائه للخطب بطريقة روتينية ثابتة رزينة متساوية الأداء لا ابتسامة ولا أي حركة صوتية كالزجر مثلا تعطي لي مفتاحا كي أتغلغل في شخصه الفاضل وأعرفه من الداخل فكان للخليفة الرابع رحمة الله عليه الفضل الكبير في فك هذه الشفرة عبر حصصه لقاء مع العرب، فسمعته يوما في أحد المواضيع ضاحكا وكان أول ما أسمع منه ضحكاته فأوجس في نفسي تضمرا وغضبا وأخذني الشك أنه متهكم مستهزئ وما إن سمعت ترجمة حديثه وعرفت علة ضحكه حتى ضحكت وتمتعت بأسلوبه المرح وقلت حاشا لله ما هؤلاء دجالون ولا كذابون بل مخلصون وصادقون بل كل ثمين وكل عزيز يهون تحت أخلاقهم ومهمتهم المكلفون بها من رب الكائنات والحمد لله أن هداني إلى هذا الأمر، وكما أتفكر ذلك اليوم الآخر من أيامي والمرسوم أيضا في خيالي ففيه تذكرت أني راسلت الخليفة في أمر البيعة من على فكس أحد بائعي الجرائد فذهبت إليه ورأيت فيه شبابا يرقصون على وقع موسيقى الراب أو الروك وسلاسلاً في أعناقهم كما يُعلَمُ حال شباب اليوم فسلَّمت عليهم بحالتي التي كنت عليها فردُّوا علي السلام وسألتهم عن إمكانية وجود رسالة أو فكس بإسمي فسارع أحدهم إلى غلق الراديو أو الصوت، وأعطوني هيبة ووقاراً، وشيئا من الاستغراب، وقال ألست فلان قلت بلى، فذهب إلى علبة من الكارتون وبحث فيها ووجد الرسالة الخاصة بي، وقال مالك وهذا التأخير إن لها شهورا وأنا أحافظ عليها، أحملها من مكان إلى مكان، ففرحت أولا لشعور هؤلاء الشبان أن في داخلهم اعتراف أن ما هم عليه من حالة شبانية خطأ وليس صوابا، أما الفرحة الأعظم لما قرأت (حبي في الله) وقرأت قبول بيعتي، فخرجت حينها إلى الشارع الرئيسي الذي يقسم المدينة التي أسكن فيها إلى نصفين وفي يدي بيعتي وفي قلبي مهجتي وعلى وجهي ابتسامتي وسروري... ونظرت بحيرة وألم في وجوه الناس الخائبين في بيوتهم، والراكبين سياراتهم ودراجاتهم، والماشين على أرجلهم نساءهم ورجالهم، شيوخهم وأطفالهم، مثقفيهم وجهالهم، أطيابهم وأشرارهم. . .
الأكيد أن لكل واحد منهم مشكلات وقضايا وإرهاصات، فقلت في نفسي وأشرت بيدي وهي مرفوعة عالية وورقة البيعة بين أصابعي، هاكم لو تعلمون بلسما لكل داءٍ، جعلكم تتألمون وتسقمون، وترياق لقلوبكم المسمومة لو تحسون وتتفكرون. . . وجريت ومشيت ووصلت إلى بغيتي ولم تكتمل فرحتي بل زادت وحدتي ووحشتي فكنت الوحيد الذي يتألم ولا يُسمع أنيني وأفرح وأسر ولا يراعى لحالي، فكنت في عينهم من الجنة وليس من الناس وينتظرون مني تمزيق اللباس فهذياني قد بان ولا يختلف عليه اثنان، ومرَّ الزمان ولم ينسني الحنان فكان كهفي وملاذي وحرزي وترسي وجوسقي ومرادي حتى وهب الله لي أصحابي لأستأنس بهم ويقوى سلاحي وعتادي ولقد اكتشفت أن تأملي وعبادتي لله وكل عقدة حليتها بفكري قبل أن أعرف الأحمدية لم تكن مفيدة بقدر ما هي عليه الآن فقد تجلَّت منهجية البناء، واتَّضَحت خريطة السمو والعلاء، فكل لبنة علمت مكانها، وكل لمسة كان لها شأنها وكأنها متتالية هندسية كثر عدها وشق السماء بيانها، ومُسِحت كل وساوسي وغُلِب شيطاني وهداني إليه ربي فآواني وبرحمته زملني وغطاني فشكرا ألف شكر للمصلح الموعود ومهدي الزمان عليه السلام الذي كان وعد الرحمن ونبأ خير الأنام عليه أفضل الصلوات وأزكى السلام، فأُصلح حالي ومُسِحتْ بل وغُسِلَتْ لوحة صدري بصلصال آدم ونشفت على نور شمس المسيح عليه السلام، فنصعت بيضاء لا شائبة فيها إنشاء الله رب العالمين، وكتبت خلال مدتي السابقة عليها من حبر هذا الصفي وعلمتها بعلامات من خلق هذا الحفي وعرفت به محمدا صلى الله عليه وسلم كمحمد ٍوكنت في هذه الحالة بإذن الله وبفضله كأحمد ويا لها من فلسفة عُلمتها منه عليه السلام في كتابه العظيم إعجاز المسيح، لو تقرأون وفي اسمه فقط عليه الصلاة والسلام تبحرون وتصطادون وتغنمون وبأبهى اللآلئ تعودون وعلى العالمين تتباهون.
فإلى كل من يشك من الخائفين والحذرين، ومن المتكبرين والجاحدين، والمستهزئين واللامبالين، انظروا إلى كتاباته فوالله لقد حمل القرآن المعجزات، وحمل الحديث الأدب والسلوكيات، وحملت كتابات المهدي الخزائن الروحانية التي يحتاج إليها هذا العالم الذي نعيشه. العالم المادي عالم واقعي خيالي دمَّر كل القيم وتخطى كل المبادئ وسحر العيون والقلوب فكان هو الدجَّال الذي سحق المؤمنين، وأوقع بالموحدين في شباكه وهم لا يشعرون يحسبون أنهم يحسنون صنعا وهم لا يفقهون، فها هي أمة الإسلام على أكثر من سبعين شعبة كلها منغمسة في نار الحقد والكراهية والتكفير هذا يقتل هذا باسم الله وباسم الدين حتى أصبحنا وأمسينا نرى الناس سكارى يتقاتلون دون وعي ولا إدراك في حانة سقاتها يعفون عن اللحى ويلبسون العمائم وموائدها المساجد والمنابر وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد لما تركوا من معقول واختمروا بالمعصور من الرديء في المنقول وابتدعوا قانون المعلوم من الدين بالضرورة فاستنوا التكفير وأجازوا القتل والتدمير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} (الحج: 2)
زد على ذلك آية أخرى:
{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } (التكوير: 9)
ألا تنصف هذه الآية كل الأنفس والأرواح التي زهقت دون وجه حق أم هي منسوخة كما تقول العقائد البالية؟ نعم إنها بالية ورثة ومرَّ على أحقية هذا الأمر أزيد من مئة سنة لو تعقلون، لما أمر الله مصلح الزمان بأن يصدع بما يؤمر ويؤسس بفضله الجماعة الأحمدية فكانت البلسم الشافي والنبأ الوافي فمسح التخاريف والأوهام ودعانا إلى خير شراب وطعام في مائدة حب الله، وحب الرسول خير الأنام فصلى الله عليه وسلم، وحب الجميع ولا كراهية لأحد فقد قال المسيح عليه السلام
شربنا من عيون الله ماء بوحي مشرق حتى روينا
رأينا من جلال الله شمس فآمنا وصدقنا يقينـــــــــــــــــــــــا
تجلت منه آي في قطيعي وأخرى في عشائر كافرينا
فنحن كذلك شربنا من هذا النبع الذي أشرق بوحي على سيدي الإمام المهدي فرأينا من جلال الله شمسا فآمنا وصدقنا يقينا أوليس إيمان واحد من الجزائر أو بلدان أخر لم تجمعنا به ولا بخلفائه أي رابطة أو صلة تاريخية أو حدودية لأعظم تجل جعلنا ننضم إلى قطيعه والتجلي الآخر في العشائر الكافرين وهي سنة الله في أنبيائه أي داعي الله لا يحمل على أكف الراحة دائما بل يكذب ويكفر مثل ما نشهد في زمننا هذا. . .
فإن وصفة هذا البلسم هي كما يلي :
1-عقيدة قتل المرتد عقيدة باطلة
2- الجهاد العدواني لنشر تعاليم الإسلام خطأ فادح وفاضح
3- حياة عيسى الناصري في السماء وهم ما بعده وهم
4- محمد خاتم النبيين لا تعني أن الله تعطلت صفة كلامه مع أولياءه وأصفيائه
5- الجن الخرافي والشبحي الذي يسكن الأجساد والقمامات خرافة العصور كلها
6- الناسخ والمنسوخ اجتهاد العلماء الذي يتنافى مع قداسة القرآن الكريم
7- . . .
وهناك عقائد أخرى لمن أراد الاطلاع عليها والبحث عن الحقيقة الغائبة عنه فعليه أن يحيي قلبه بذكر الله في نفسه، وألا يتكبر تكبر الشياطين والأبالسة، ويفتح آذانه ويقنع بالمجالسة وآدابها، ويترك المشاكسة وآثامها، فكل ما تحتاجون سبق إليه السبَّاقون من أهل العلم والرَّاسِخون ولا أظن عن غير الأحمديين وعلمائهم تبحثون وإلى غير المهدي وخلفائه تهتدون وتتبركون فَشُدُّو بِتِلَّابِ الأحمديين تفلحون وتشفون فما عساي أن أقول وبأي دف أنادي في الأسواق كي تسمعون وتعقلون، هكذا كانت كلمته عليه السلام لم يرد مالا ولا جاها ولا سلطانا إنما يأسف على حال الأمة لما آلت إليه من إفلاس وخسران ومن خير ما قال وهو يتألم ويصف حالة الزمان في قصيدته التي مطلعها:
دموعي تفيض بذكرِ فتن أنظُرُ وإني أرى فتنًا كقطرٍ يمطـــُـــــرُ
والتي ختمها عليه السلام بقوله:
وآخر دعوانا أن الحمد للـذي هدانا مناهج دين حزب طهـروا
فهذه واحدة من القصائد الكثيرة التي تنفست منها تراقي إمام الزمان التي تحمل عبء الأمم، وبخاصةٍ أمة الإسلام العمياء عن حقيقة الخادم الوفي والمصلح الموعود، أوليس القرآن والحديث أبهى عينين للإبصار فلم هذا الجحود والإنكار؟ لم نقرأ في جامعات ولا في المعاهد الكبار، ولكننا آمنا وصدقنا كما فعل ذلك الأطهار من الخلفاء عبيدا كانوا أو أحرار، فتشجعوا فقد حلمتم ككل مؤمن في يوم من الأيام لو كنتم في زمن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لآمنتم به كما آمن الأخيار رضوان الله عليهم، فها هي الفرصة قد حانت وتكررت بصورة متطابقة فلم تنكرون، وتستعلون، وتستكبرون، وعلى المسيح تحقرون وتكفرون وتحقدون، وفي بعض الأحيان تستغربون وتضحكون، فاركعوا لله، واسجدوا له، وتذللوا أمام حضرته عسى أن يهديكم للخير العظيم، ويشفي صدور قوم مؤمنين، اللهم إنك هديتنا لهذا برحمانيتك التي تجلَّت وبرحيميتك التي تهلَّت فنشلتنا من الظلام ورفعتنا إليك فلا تردنا إلى سيرتنا الأولى وأجعلنا بيدك متمسكين، وبرحمتك معلَّقين وفي جنتك من المنعمين، يا رب العالمين يا مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضآلين آمين.
والآن تذكرت أثناء كتابتي لآيات الفاتحة كلمات سيدي الإمام في كتابه الرائع إعجاز المسيح قوله:
{ليتذكر القارئ أن وقت الدجّال لا يجاوز وقتَ قومٍ ذُكروا في آخر آية من هذه الآيات السبعة. وكان قدرُ الله كُتِبَ مِن بدء الأوان أنه يقتُل الرجيم المذكور في آخر الزمان، ويستريح العبادُ مِن لدغ هذا الثعبان. فاليوم وصل الزمان إلى آخر الدائرة، وانتهى عمر الدنيا كالسبع المثاني إلى السابعة من الألوف الشمسية والقمرية. اليوم تجلّى الرجيم في مظهرٍ هو له كالحُلل البروزية، واختُتم أمرُ الغيّ على قوم اختُتمَ عليه آخرُ كَلِمِ الفاتحة. ولا يفهم هذا الرمزَ إلا ذو القريحة الوقّادة، ولا يُقتَل الدجّال إلا بالحربة السماوية، أَي بفضلٍ من الله لا بالطاقة البشرية، فلا حربَ ولا ضربَ ولكن أمرٌ نازل من الحضرة الأحدية. وكان هذا الدجّال يبعث بعض ذراريه في كل مائة من مِئِينَ، ليُضِلّ المؤمنين والموحّدين والصالحين والقائمين على الحق والطالبين، ويهُدّ مبانيَ الدين، ويجعل صحف الله عِضِينَ. وكان وعدٌ من الله أنه يُقتَل في آخر الزمان، ويغلب الصلاحُ على الطلاح والطغيان، وتُبدَّل الأرض ويتوب أكثر الناس إلى الرحمن، وتُشرِق الأرض بنور ربّها، وتخرج القلوب من ظلمات الشيطان. فهذا هو موت الباطل وموت الدجّال وقتل هذا الثعبان.
أم يقولون إنه رجل يُقتَل في وقت من الأوقات؟ كلا.. بل هو شيطان رجيم أبو السيئات، يُرجَم في آخر الزمان بإزالة الجهلات، واستيصال الخزعبيلات. وعدٌ حقٌّ من الله الرحيم، كما أُشير في قوله: "الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ". فقد تمّت كلمة ربنا صدقًا وعدلاً في هذه الأيام، ونظَر الله إلى الإسلام، بعدما عنَّتْ به البلايا والآلام، فأنزل مسيحَه لقتل الخنّاس وقطع هذا الخصام. وما سُمِّيَ الشيطان رجيمًا إلا على طريق أنباء الغيب، فإن الرجم هو القتل من غير الريب. ولما كان القدر قد جرى في قتل هذا الدجّال عند نزول مسيح الله ذي الجلال، أخبر الله مِن قبل هذه الواقعة تسليةً وتبشيرًا لقوم يخافون أيام الضلال.}.
وهنا يمسح المسيح عليه السلام عقيدة معقودة من فهمنا البسيط والخيالي لأحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الدجال وصفاته التي رسمت صورة في أذهاننا بالكاد تمحى من عقولنا لولا فضل الله ورحمته، وهذه الخرافة الباطلة الكاذبة التي صدقها الملايين من الناس، وكأنهم يشاهدون فلما سينمائيا مليئا بالإثارة والحركة؟
فالدجال هو يمثل دور الشرير والمهدي دور البطل الذي ينقذ العالمين لكل واحد منهما ميزات وخوارق تفوق تصور العقلاء والراشدين. ألا تخجلوا من هذا التفكير أوليس محمدا صلى الله عليه وسلم أولى من غيره وأحق بهذه الخوارق لو كنتم تعلمون ولم يكن سوى رجل يمشي في الأسواق ويأكل مثل ما يأكلون ويلبس مثل ما يلبسون أو أقل بكثير من سادة القوم وأشرافهم ومسه الجوع والألم وهو في شعاب مكة لما حاصره أهله وعشيرته، وسقطت رباعيتاه في أحد الغزوات ولم تكن خوارقه غير تمسكه بربه ويقينه به أنه ناصره فَرَفْعُ يديه مبتهلا داعيا الله رب العالمين بصدق وإخلاص وإيمان كبير، سلاحه واعجازه فتوسموا وتعقلوا فكل موضوع مصنوع وكل سقف من النخيل مقطوع وكل صوت مسموع ألا إنها سنة الله فلن تجد لسنة الله تبديلا أو تحويلا.
إخواني في الله كل ما كتبت إلى حد الآن مجرد مساحة صغيرة من بستان كبير تم تهيئته وتنقيته لنزرع فيه أشجارا طيبة تؤتي أكلها كل حين، أو تقنيا- أي نسبة للغة العصر الذي نعيشه- فهي برنامج يمسح الفيروسات ويحمي الذاكرة من الكائنات الغريبة التي تتسبب في هلاكه أو هي مودا أنيقة تبهر كل الديانات والثقافات وتتسابق على اقتنائها ولباسها بكل شغف، أو نافذة ذات نسيم عليل تبهج كل عليل وتسكر كل نشوان بذكر ربه وهو ذليل. والأمثلة كثيرة لن نحصيها لما تحمله علينا هذه التبعية لهذه الجماعة المباركة من قدسية أمر الله فنحن نؤمن أنها بأمر الله وليست بأمر بشر، فليس هين ما نحن عليه بل أمر جلل. نعم إنه أمر تجلى وتراءى رؤيا العين في شخصي عبر هذه السنوات الماضية فتغيرت طباعي وذلك التزاما بالوصايا العشر التي يظنها الكثير أنها بسيطة وبخاصة عند المسلمين غير الأحمديين فهم يصلون ولا يشركون بالله فهكذا ظنهم ولي مع الوصايا العشر حكايات وتجارب أخرى ولأني متلهف لأن أرسل قصتي أترك كل إضافة إلى اجتهاد آخر فعسى أن يوفقني فيه ربي الكريم والعظيم.
فالحمد لك ربنا فلولا فضلك لكنا من الجاحدين هكذا علمتنا يا ربنا كيف ندعوك وهكذا رحمتنا فإنا لك أذلة راكعين ساجدين وسلام الله على القارئين.
الذليل إلى الله محمد هتهات